ج ٢، ص : ٣٤٢
المعنى :
هذا مثل ضربه اللّه لكل قرية فيها جماعة من الناس مجتمعين.
وضرب اللّه مثلا قرية مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، جعل القرية التي هذه حالها مثلا لكل قوم أنعم اللّه عليهم بالنعم فأبطرتهم النعمة وكفروا وتولوا، فأنزل اللّه عليهم نقمته، وبدل نعمتهم سوءا وسرورهم ألما وحزنا، وقد ضربها اللّه مثلا لكل قرية خصوصا مكة.
وانظروا إلى وصف اللّه أهل القرية بالأمن والطمأنينة فلا يزعجهم خوف، ولا قلق ثم بالرزق الرغد الواسع الكثير، ومع هذا قدم نعمة الأمن على نعمة الرزق لعل الناس يعتبرون بهذا، وأن السيادة في الهدوء والطمأنينة، هذه القرية التي غمرها اللّه بفيض من عنده، ولكنها لما كفرت بأنعم اللّه ولم تقابل النعمة بالشكر بل قابلتها بالكفر أذاقها اللّه عاقبة عملها ذوقا عميقا يشبه تذوقهم طعم المر أو أشد.
أما لباس الجوع فاستعارة في لفظ لباس حيث شبه ما يعترى الإنسان الجائع الخائف باللباس لظهور الأثر عليه.
أهل هذه القرية جاءهم رسولهم فكذبوه فأخذهم العذاب، وهم ظالمون لأنفسهم، وما ظلمهم ربهم أبدا.
وأما أنتم يا أهل مكة فينطبق عليكم المثل تماما، فلقد جاءكم رسول من جنسكم يعرفكم وتعرفونه، وقد أمركم بما ينفعكم فكذبتم فأصابكم العذاب وأنتم ظالمون.
وإذا كان الأمر كذلك فاتركوا ما أنتم عليه من أعمال الجاهلية وكلوا مما رزقكم اللّه حلالا طيبا هنيئا مريئا، واشكروا نعمة اللّه عليكم إن كنتم إياه وحده تعبدون، ولا تحرموا شيئا مما أحله اللّه لكم، إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير، وما ذبح على اسم غير اسمه - تعالى - وأما ما حرمتموه أنتم على أنفسكم من البحيرة والسائبة والوصيلة (انظر تفسيرها في سورة المائدة آية ١٠٤) فشيء لا يلتفت إليه أصلا..
فمن كان مضطرا لا باغيا ولا معتديا فلا مانع من أكله بقدر إزالة ضرورته فإن اللّه غفور ستار رحيم بخلقه كريم.


الصفحة التالية
Icon