ج ٢، ص : ٣٥١
يا ذرية من حملناهم مع نوح، وأنجيناهم من الغرق، وهديناهم إلى الحق والخير أنتم أولى الناس بالتوحيد الخالص والسير على سنن الأنبياء والمرسلين، وها هو ذا نوح أبوكم - عليه السلام - كان عبدا شكورا فاقتفوا أثره، واتبعوا سنته.
وفي تعبير القرآن الكريم بِعَبْدِهِ بدل حبيبه مثلا أو بدل اسمه. إشارة دقيقة :
إذ حادثة الإسراء والمعراج معجزة خارقة قد تؤثر على بعض النفوس الضعيفة فتضع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في غير موضعه كما وضعت النصارى المسيح فقيل : عبده أى : الخاضع لعزه وسلطانه حتى توضع الأمور في نصابها، على أن وصف النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالعبودية منتهى الكمال والسمو له.
وفي قوله : لَيْلًا وقد تحير فيها المفسرون فإن الإسراء لا يكون إلا ليلا فما فائدة ذكرها ؟ ! ولقد أجابوا على ذلك بأنه لفظ مفرد منكر سيق لبيان أن الإسراء كان في جزء من الليل. ولم يكن من مكة إلى المسجد الأقصى الذي يقع في أيام وليال طوال إلا في جزء من الليل بسيط.
ويقول أستاذنا مصطفى صادق الرافعي في وحى القلم ص ٣٢ في الإسراء والمعراج :
والحكمة - في ذكر ليلا في الآية - هي الإشارة إلى أن القصة قصة النجم الإنسانى العظيم الذي تحول من إنسانيته إلى نوره السماوي في المعجزة، ويتمم هذه العجيبة أن آيات المعراج لم تجيء إلا سورة « والنجم... ».
قصة الإسراء والمعراج :
وخلاصتها : كان صلّى اللّه عليه وسلّم مضطجعا فأتاه جبريل فأخرجه من المسجد فأركبه البراق فأتى بيت المقدس، ثم دخل المسجد هناك واجتمع بالأنبياء - صلوات اللّه وسلامه عليهم -، وصلّى بهم إماما ثم عرج به إلى السموات فاستحقها جبريل واحدة واحدة فرأى محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من آيات ربه الكبرى ما رأى، وهكذا صعد في سماء بعد سماء إلى سدرة المنتهى فغشيها من أمر اللّه ما غشيها، فرأى صلّى اللّه عليه وسلّم مظهر الجمال الأزلى، ثم زج به في النور فأوحى اللّه إليه ما أوحى، وكلفه هو وأمته بالصلاة في ذلك المكان المقدس فكانت الصلاة هي العبادة الوحيدة التي أوجبها اللّه بنفسه بلا واسطة.