ج ٢، ص : ٣٥٦
وقد كان جالوت هو الذي سلط عليهم في أول مرة ثم لما قتل داود جالوت رد عليهم ملكهم ودالت الدولة لهم مدة من الزمن حتى فسدوا وظلموا وقتلوا زكريا وقيل يحيى فأرسل اللّه لهم بختنصر فأذاقهم الخسف والعذاب للمرة الثانية وقيل غير ذلك كما مر.
وكان هذا الدرس من اللّه تأديبا لكم وتهذيبا، عسى ربكم يا بني إسرائيل أن يرحمكم بهذا، وإن عدتم للمرة الثالثة عدنا إلى عقوبتكم بأشد مما مضى.
إن عادت العقرب عدنا لها بالنعل والنعل لها حاضرة
وقد عادوا للمرة الثالثة فكذبوا محمدا وافتروا الباطل عنادا وجحودا وهم أدرى الناس به، بل ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم أو أشد. فعاقبهم اللّه على ذلك بقتل بنى قريظة وإجلاء بنى النضير وضرب الجزية عليهم.
هذا في الدنيا. أما في الآخرة فقد جعل اللّه لهم جهنم محبسا وحصيرا لا يفلت منهم أحد أبدا.
وما لكم يا بني إسرائيل المعاصرين للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم مالكم لا تؤمنون ؟ وأنتم تعلمون أن هذا القرآن المنزل على محمد يهدى للتي هي أقوم، ويدعو إلى الصراط المستقيم. أليس يدعو إلى البر والخير، والتعاون والتساند. ويأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وعدم الشرك والبعد عن الزنى والقتل والزور والبهتان وأكل مال اليتيم والتطفيف في الكيل والميزان والتعامل بالربا والقسوة في المعاملة إلى آخر ما هو معروف ؟ !! وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ إن هذا القرآن يهدى الناس إلى الطريقة المثلى، ويدعو إلى خيرى الدنيا والآخرة ويبشر المؤمنين العاملين الخير والصلاح بأن لهم أجرا كبيرا في الدنيا والآخرة وأن الذين لا يؤمنون ولا يعملون الخير أعد لهم ربهم عذاب جهنم وبئس المصير.
ويدعو الإنسان ربه بالشر - عند غضبه - على نفسه وأهله وماله كما يدعوه لهم بالخير وكان الإنسان عجولا أى : خلق وفي غريزته حب العجلة والسرعة، لهذا جنح كثير من المفسرين، وبعضهم فسر الإنسان بالكافر خاصة ودعاؤه الشر هو استعجاله العذاب استهزاء وكفرا بالنبي، والعذاب آتيه لا محالة...