ج ٢، ص : ٣٦٧
التوحيد :
لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا. وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ....
والخطاب في الظاهر للنبي صلّى اللّه عليه وسلم لبيان أهمية الخبر وخطورته وهو لكل مخاطب لكل أحد، والمعنى : لا تجعل مع اللّه الذي خلقك ورزقك إلها آخر على أية صورة وبأى شكل فهو وحده الذي يجب أن يعبد، إنك إن اتخذت إلها آخر تكن مذموما من اللّه والملائكة والناس أجمعين ومخذولا من اللّه حيث عبدت غيره ومن الشريك لأنه لا يملك نفعا ولا ضررا، وقد قضى ربك، وحكم حكما لا نقض فيه ولا رجوع أن لا تعبدوا إلا اللّه وحده لا شريك له. إذ هو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير.
الإحسان إلى الوالدين :
... وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً. وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً.
وقضى ربك بأن تحسنوا إلى الوالدين إحسانا كاملا في المعاملة، إحسانا ليس بعده إحسان إذ يجتمع فيهما كل أسباب المودة والعطف، فمن قرابة قريبة، إلى صلة وشيجة وجوار كريم، وعطف سابغ، وحنان أبوى سليم، ولا عجب فهما أول من يعطف عليك عطفا غرزيا وأنت في أشد الحاجة إليه، فمن المروءة أن ترد الجميل لا أقول بأحسن منه فليس هناك جميل يوازى عملهما، ولهذا ترى القرآن الكريم يجمع بين الأمر بعبادة اللّه والأمر بالإحسان إليهما وفي آية أخرى يقول. أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ ولا غرابة فوالداك هما اللذان كونا الظاهر من جسمك، واللّه الذي خلقك وسواك ونفخ فيك من روحه. اعبده وحده ولا تشرك به شيئا واحسن إلى والديك إحسانا يكافئ ما قدماه لك، وهذا الأمر بالإحسان عام في كل حال، ووضعه هنا دليل على أنه من دعائم الدين وأصوله، وهناك أوضاع خاصة تقتضي التنصيص عليها بخصوصها مثلا :


الصفحة التالية
Icon