ج ٢، ص : ٤١١
وكذلك أطلعنا الناس عليهم ليعلموا أن وعد اللّه بالبعث حق. فقد كان هناك من ينكر البعث فأراهم اللّه هذه الآية تثبيتا للمؤمنين، وحجة على الكافرين، وليعلموا أن الساعة لا ريب فيها فإن من شاهد حال أهل الكهف علم صحة ما وعد اللّه به من البعث.
أطلعناهم عليهم وقت أن كانوا يتنازعون أمرهم فيما بينهم بين مثبت للبعث ومؤمن به، وبين منكر له وكافر به.
ولما اطلعوا عليهم، وظهر أمرهم وعرف الناس أن في قدرة اللّه أن يحيى الخلق بعد موتهم أماتهم اللّه فقال بعضهم : ابنوا عليهم بنيانا يمنع الناس عنهم، ربهم أعلم بشأنهم.
وقال الذين غلبوا على أمرهم من المؤمنين لنتخذن عليهم مسجدا للصلاة، والذين غلبوا على أمرهم قيل هم المسلمون، أو هم الملك وأعوانه اللّه أعلم.
وقد اختلف المعاصرون للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم في عددهم. فسيقولون هم ثلاثة رابعهم كلبهم ويقول جماعة أخرى : هم خمسة سادسهم كلبهم، وهم في هذا يقذفون بالغيب على غير هدى ظنا منهم. لا يقين معه.
ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم، قل يا محمد لهم، ربي أعلم بعددهم ما يعلمه إلا قليل وأكثرهم علم أهل الكتاب على ظن وتخمين.
وفي الكشاف : فما هذه الواو الداخلة على الجملة الثالثة (سبعة وثامنهم كلبهم) ولم دخلت عليهم دون الجملتين الأوليين ؟ والجواب هي الواو التي تدخل لتأكيد اتصال ما بعدها بما قبلها وللدلالة على أن الذين قالوا سبعة وثامنهم كلبهم قالوه عن ثبات وعلم وطمأنينة لم يرجموا بالظن كما فعل غيرهم.
وأصحاب هذا الرأى مؤمنون قالوه مستندين إلى الوحى بدليل عدم سبكه في سلك الرجم بالغيب وتغير النظم بزيادة الواو.
إذا قد عرفت جهل أصحاب الرأيين الأوليين فلا تمار فيهم ولا تجادلهم إلا جدالا ظاهرا لا عمق فيه، ولا تستفت في شأنهم أحدا منهم.
ولا تقولن لأجل شيء تعزم على فعله إنى فاعله غدا، لا تقولن ذلك في حال من


الصفحة التالية
Icon