ج ٢، ص : ٤٢٢
المفردات :
فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ فخرج عما أمره به. عَضُداً أى : عونا لي.
مَوْبِقاً أى : حاجزا فهو اسم مكان، وقيل : موبقا أى : مهلكا لهم.
المعنى :
واذكر وقت أن قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم والمراد ذكر ما حصل في الوقت لا نفس الوقت.
وقصة السجود لآدم قد مرت بنا مرارا، وإنما كان تكريرها ليقف الإنسان على ما حصل لأبيه آدم، وموقف إبليس منه، وكيف كان سبب التعب له وخروجه من الجنة ولا يزال هو مصدر الفسوق والعصيان لأنه أقسم ليغوينهم أجمعين، وكان له ذلك إلا العباد المخلصون فليس له سلطان عليهم.
أمر اللّه الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا طائعين لأنهم لا يعصون اللّه ما أمرهم ولا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، أما إبليس اللعين فكان من الجن فلم يعمل مثل ما عملوا، وقال كيف أسجد له ؟ وأنا خير منه، وترتب على كونه من الجن أنه فسق عن أمر ربه وخرج عن حدود ما أمر به.
وهذه الآية تثبت أن إبليس من الجن، وفي آية أخرى الإشارة إلى أنه من الملائكة، وليس فيهم تعارض إذ قد يطلق على الملائكة أنهم جن من حيث استتارهم واللّه - سبحانه وتعالى - يعجب ممن يطيع إبليس وجنده في الكفر والمعاصي بعد أن علم موقفه من أبينا آدم، وما هو عازم عليه بالنسبة لنا، أفتتخذونه وذريته وأعوانه أولياء تقتدون بهم، وتسمعون لهم يا عجبا لكم ثم عجبا، أفتتخذون أولياء من دون اللّه، وهو لكم عدو من قديم، بئس للظالمين الذين يضعون الأمور في غير موضعها الذين يستبدلون طاعة الشيطان بدل طاعة الرحمن بئس البدل بدلا لهم.
ما أشهدت هؤلاء الشركاء الذين وسوس لكم إبليس في شأنهم حتى اتخذتموهم شركاء، ما أشهدتهم خلق السموات والأرض، ولا أشهدتهم خلق أنفسهم، ولو كانوا شركاء لشهدوا ذلك، إذن فليسوا لي شركاء أبدا.