ج ٢، ص : ٤٥ التعجيل في طغيانهم مجاوزة الحد يَعْمَهُونَ يترددن الضُّرُّ الشدة من ألم أو خطر أو شدة مسغبة لِلْمُسْرِفِينَ الإسراف تجاوز الحد الْقُرُونَ جمع قرن وهم القوم المقترنون في زمان واحد خَلائِفَ جمع خليفة وهو من يخلف غيره في الشيء أى : يكون خليفة له.
المعنى :
العجلة من غرائز الإنسان وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا « ١ » فهو دائما يتعجل الخير لأنه يحبه، ولا يتعجل الشر إلا في حال الغضب والحماقة والعناد والتعجيز، ظنا منه أن ما أقدم عليه خير مما هو فيه كالمنتحر.
ولو يعجل اللّه للناس الشر الذي يستعجلونه مخالفين طبعهم وغريزتهم، مدفوعين بدافع الجهالة والحماقة والتعجيز كاستعجال كفار مكة للعذاب وإلحاحهم في نزوله تعجيزا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وتكذيبا له، وذلك حينما قص عليهم القرآن نبأ المكذبين من أقوام الرسل السابقين وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ « ٢ ». وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ « ٣ ».
ولو يعجل اللّه للناس إجابة الشر الذي يطلبونه كاستعجالهم بالخير الذي يرغبونه لذاته بدعاء اللّه - تعالى - أو بأخذهم بالأسباب، لقضى إليهم أجلهم، وانتهى أمرهم وهلكوا كما هلك الذين كذبوا الرسل، واستعجلوا العذاب من قبل. ولكن اللّه رحم العالم كله بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم خاتم النبيين، المرسل رحمة للعالمين إلى يوم القيامة، وقضى بأن يؤمن به العرب من قومه وغيرهم ومن يكفر يعاقبه اللّه بالقتل أو يؤخره إلى يوم القيامة، وهذا معنى قوله : فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم وضلالهم يعمهون ويترددون، أما عذاب الخسف والاستئصال فمنعه عنا إكراما لنبينا صلّى اللّه عليه وسلم.
وهاك بيان لغريزة الإنسان العامة وشأنه فيما يمسه من الضر.
(١) سورة الإسراء آية ١١.
(٢) سورة الرعد آية ٦.
(٣) سورة الأنفال آية ٣٢.