ج ٢، ص : ٤٨١
المفردات :
امْكُثُوا أقيموا في مكانكم آنَسْتُ ناراً أبصرت نارا والإيناس الإبصار البين الذي لا لبس فيه ومنه إنسان العين لأنه يبصر الأشياء ويتبينها بِقَبَسٍ القبس النار المقتبسة الْمُقَدَّسِ المطهر طُوىً اسم الوادي أُخْفِيها من الأضداد أى أكاد أظهرهما أو أسترهما فهي تدل على معنيين متضادين فَتَرْدى فتهلك.
المعنى :
فلما قضى موسى الأجل الذي ضربه بينه وبين صهره الشيخ الكبير بمدين قيل :
هو شعيب وقيل : غيره واللّه أعلم.
فلما قضى الأجل واستأذن في السفر إلى مصر خرج هو وامرأته وغنمه فلما وافى وادي طوى، وهو بالجانب الغربي من الطور ولد له في ليلة باردة مظلمة شاتية، وقد ضل الطريق، فأراد نارا ليدفئ بها امرأته التي ولدت فقدح زنده فلم يخرج نارا فبينما هو في أشد الحاجة إلى النار أبصر على يسار الطريق من جانب الطور نارا فقال لأهله :
امكثوا وأقيموا في مكانكم لا تبرحوه إنى آنست نارا : وأبصرت ما يؤنسنا على سبيل الجزم، وأما إتيان قبس منها أو وجدان هداية للطريق عندها فأمر مشكوك فيه ولذا قال. لعلى آتيكم منها بشعلة من النار المقتبسة منها، أو أجد على النار هاديا يهديني إلى الطريق الحق الموصل إلى ما نريد.
فلما أتاها وجدها نارا بيضاء صافية، مشتعلة في شجرة خضراء يانعة، أنكرها وتوجس خيفة منها، فلما أتاها بهذا الشكل نودي من قبل الرب - سبحانه وتعالى - : إنى أنا ربك.
ولعل نداءه عند النار بعيدا عن أهله وماله، وقد ضل الطريق المألوف للناس إشارة إلى ما يجب أن يكون عليه الأنبياء والدعاة إلى اللّه من تجردهم من الدنيا وأهلها وتنكبهم الطرق المألوفة عندهم.
ونودي من قبل اللّه أن يا موسى فارتاع لهذا النداء وشك في مصدره. فقال اللّه له على سبيل التوكيد. إنى أنا ربك الذي خلقك وسواك وعدلك، ورباك في بيت


الصفحة التالية
Icon