ج ٢، ص : ٥٠
الرسل تردهم إلى حياض الإيمان بالله، وإلى الاعتقاد في يوم القيامة، ولكنهم اختلفوا بعد ذلك، وتعددت بهم السبل، فبعضهم آمن واهتدى. والآخر ضل واعتدى، وذلك لأن في الإنسان دوافع الخير والشر فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ « ١ » ومثل هذه الآية قوله - تعالى - كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ.. [سورة البقرة آية ٢١٣].
وبعض العلماء يرى أن المعنى : وما كان الناس إلا أمة واحدة على الإسلام والدين الحنيف فطرة وتشريعا، وأن الشرك وفروعه « جهالة حادثة، وضلال مبتدع » واللّه أعلم.
ولو لا كلمة سبقت من ربك، وقضاء محكم حكم به إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ « ٢ » لو لا هذا لقضى بينهم فيما فيه يختلفون، ولعجل لهم العذاب بما كانوا يعملون، وفي هذا تسلية للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وبيان لطبع الإنسان.
اقتراح المشركين آيات كونية [سورة يونس (١٠) : آية ٢٠]
وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠)
المعنى :
وهذه جناية أخرى من جنايات المشركين وكفار مكة، فهم يعجبون من الوحى لبشر مثلهم. ويقولون ائتنا بقرآن غير هذا أو بدله، وهم يعبدون من دون اللّه شركاء، ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه.
وبعد هذا كله يقولون : لو لا أنزل اللّه عليه آية من ربه غير ما نزل عليه من الآيات الباقيات البينات وهي آيات القرآن الكريم.
حكى القرآن عنهم في أكثر من موضع هذا الطلب ورد عليهم تارة بالإجمال كما هنا وطورا بالتفصيل.
(١) - سورة هود آية ١٠٥.
(٢) سورة يونس آية ٩٣. [.....]