ج ٢، ص : ٥٢٦
في شيء واتخاذ الولد أمارة الحدوث والحاجة، ودليل مشابهة الحوادث، واللّه - سبحانه - منزه عن ذلك كله.
وقالوا اتخذ الرحمن ولدا، قيل : نزلت في خزاعة حينما ادعوا أن الملائكة بنات اللّه وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً [سورة الصافات آية ١٥٨].
سبحانه وتعالى : نزه اللّه نفسه عن ذلك، وأمرنا أن ننزهه عن ذلك، ثم أخبر عن الملائكة أنهم عباد والعبودية تتنافى مع الولدية، فهم عباد إلا أنهم مكرمون ومقربون ومفضلون على كثير من الخلق لما هم عليه من العبادة، فهم خلق من خلق اللّه دأبهم العبادة ليلا ونهارا، لا يعصون اللّه ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، لا يسبقونه في قول بل يعملون كما يؤمرون لا علم لهم بشيء بل اللّه يعلم ما بين أيديهم من أحوال القيامة وما خلفهم من أحوال الدنيا، وهم لا يشفعون إلا لمن ارتضاه ربه من عباده المؤمنين ثم مع هذا كله هم من عذاب ربهم مشفقون وخائفون.
فكيف تجعلونهم أولادا للّه ؟ !!، وكيف تكفرون أنتم باللّه بعد هذا ؟ !! وبعد أن وصفهم اللّه بما وصف فاجأهم بالوعيد الشديد، وأنذرهم بالعذاب الأليم ليعتبر الناس وليعلموا جرم الشرك، وفظاعته عند اللّه، وعظم شأن التوحيد ومكانته عند اللّه فقال :
ومن يقل منهم - على سبيل الفرض - إنى إله من دون اللّه فسنجزيه جهنم وبئس القرار. مثل ذلك نجزى نحن الظالمين والمشركين فإنه لا يفعل معهم هذا إلا اللّه الواحد القهار.
الأدلة الكونية على وجود الواحد الأحد [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣٠ الى ٣٣]
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)