ج ٢، ص : ٥٤٩
وساق قصته لثبوت رحمته للمؤمنين، وكيف ينصر عباده المتقين، ولتكون ذكرى للعباد في كل حين، حتى لا ييأس إنسان من عفو اللّه، ولا يطمع إنسان مؤمن في أنه لا يصاب بمكروه في الدنيا ابتلاء ومحنة، وورد « أشدّ النّاس بلاء الأنبياء ثمّ الصّالحون ثمّ الأمثل فالأمثل »
وصدق رسول اللّه.
إسماعيل وإدريس وذو الكفل [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٥ الى ٨٦]
وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦)
المعنى :
وذكر إسماعيل وهو ابن إبراهيم، وجد النبي - عليهم جميعا الصلاة والسلام - وإدريس نبي بعث بعد شيث وآدم - عليهم السلام - جميعا.
وأما ذو الكفل فالظاهر أنه عبد صالح ناب وأتاب إلى اللّه - سبحانه -، وكان من بنى إسرائيل.
روى من حديث ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : كان في بنى إسرائيل رجل يقال له ذو الكفل لا يتورع من ذنب عمله فأتبع امرأة فأعطاها ستين دينارا (على أن يطأها) فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت وبكت فقال : ما يبكيك ؟ قالت من هذا العمل واللّه ما عملته قط! قال : أأكرهتك. قالت : لا.
ولكن حملتني عليه الحاجة، قال اذهبي فهو لك. واللّه لا أعصى اللّه بعدها أبدا ثم مات من ليلته فوجدوا مكتوبا على باب داره إن اللّه قد غفر لذي الكفل
، واللّه أعلم بصحة هذا الحديث! وإسماعيل، وإدريس، وذو الكفل كلهم من الصابرين المحتسبين، وأدخلناهم في رحمتنا، وشملناهم بعطفنا وتوفيقنا. وذلك لأنهم كانوا من الصالحين القانتين.
وقد ذكر القرطبي في تفسيره بعد أن ساق الحديث السابق في ذي الكفل روايات قال عمر بن عبد الرحمن بن الحارث، وقال أبو موسى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم : إن ذا الكفل


الصفحة التالية
Icon