ج ٢، ص : ٥٧٩
والناس من حيث كونهم ناسا، العاكف فيه والبادي سواء وبهذا يعلم أن المسجد الحرام مكان عالمي عام للمسلمين جميعا يستوي فيه المقيم والمسافر، ومع هذا فقد صدوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن المسجد الحرام وأخرجوه من مكة بلده الحبيب مكرها.
ومن يرد فيه مكروها حالة كونه ملحدا ظالما، أى : مائلا عن الحق والعدل بأى صورة كانت يكون جزاؤه أن اللّه يذيقه العذاب الأليم، وإذا كان هذا هو حكم اللّه فيمن يرتكب المعاصي في المسجد الحرام، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، فما بال من يصد عن سبيل اللّه وعن المسجد الحرام، ويكفر باللّه فيه ؟ إنه لظلم عظيم.
واذكر يا محمد للناس وقت أن بوأنا لإبراهيم مكان البيت، وهيأنا مكانه، وبيناه له على أن لا يشرك باللّه شيئا، وهذا نهى لإبراهيم - عليه السلام - ولأولاده من العرب.
وأمرناه أن يطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود، يطهره من الأصنام والأوثان، فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ، وهذا تكريم لإبراهيم وتشريف للبيت...
وإذا كان هذا هو موقف إبراهيم - عليه السلام -، وما أمر به فكيف يكون حال المشركين الذين يدعون أنهم من نسل إبراهيم وعلى ملته ؟ ! ثم هم يشركون باللّه، ويعبدون الأوثان، ويرتكبون الإثم والعدوان في المسجد الحرام، والبيت المقدس، إن هذا لظلم فادح.
حج بيت اللّه الحرام [سورة الحج (٢٢) : الآيات ٢٧ الى ٢٩]
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)


الصفحة التالية
Icon