ج ٢، ص : ٦١
ولما كانوا لا يعترفون بالبعث والميعاد لقن اللّه رسوله الجواب إذ لا يمكنهم الجواب أبدا. قل : اللّه يبدأ الخلق ثم يعيده إذ القادر على البدء قادر على الإعادة، وهم يرون الإعادة تتكرر كل عام في النبات والكون، بقدرة اللّه وحده أفلا يحكمون عقولهم ؟
ويسلمون بمبدأ البعث والجزاء يوم القيامة! فأنى تؤفكون ؟ فكيف تصرفون عن ذلك الحق وهو من دواعي الفطرة والطبيعة والنظر السليم ؟ إلى الباطل والجهل بالمصير.
قل لهم : هل من شركائكم من يهدى إلى الحق والخير ؟ هداية بالطبيعة والفطرة أو بالتشريع والتقنين، أو بالتوفيق ومنع الصوارف، هذه الهداية بأنواعها من تتمة الخلق والتكوين رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى « ١ » وهم بأى شيء يجيبون عن هذا ؟ !! والشواهد كثيرة تدل على الجواب المتعين الذي لقنه اللّه إلى رسوله :
قل لهم : اللّه يهدى للحق، ويهدى إلى صراط مستقيم، وهو يمن عليكم أن هداكم للإيمان.
أفمن يهدى إلى الحق والهدى، والخير والفلاح، أحق أن يتبع فيما يشرعه ؟
أم من لا يهتدى إلى الخير أبدا في حال من الأحوال إلا أن يهدى ؟ أى يهديه اللّه وذلك كالأصنام لا تهتدى أبدا إلى الخير ولا تهدى إلى الخير، وأما عزير والمسيح والملائكة فتهدى إلى الخير ولكن بهداية اللّه - سبحانه وتعالى - وهذا معنى قوله :
إِلَّا أَنْ يُهْدى.
فما لكم ؟ استفهام تعجب وتقريع عن حالهم على معنى أى شيء أصابكم ؟ وماذا دهاكم ؟ حتى تتخذوا أصناما وآلهة بهذا الوصف!! كيف تحكمون ؟ وعلى أى حال ووضع تحكمون بجواز عبادتهم أو وساطتهم وشفاعتهم عنده ؟ نعم إن هذا لشيء عجيب!! والحق الذي لا مرية فيه أنه ما يتبع أكثرهم في هذا إلا الظن لا اليقين وما يتبعون في شركهم وإنكارهم البعث، وتكذيبهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - إلا ضربا

_
(١) سورة طه آية ٥٠.


الصفحة التالية
Icon