ج ٢، ص : ٦٤٣
يا رب فلا تجعلني عندئذ في عداد القوم الظالمين، ولا تجعلني واحدا منهم. وكان - عليه السلام - يعلم أن اللّه - تعالى - لا يجعله في عداد القوم الظالمين إذا نزل بهم العذاب ومع هذا أمره ربه بهذا الدعاء والسؤال ليعظم أجره، وليكون في كل الأوقات ذاكرا لربه، فما بالنا نحن ؟ !!.
وعلى أن نريك الوعد ونحققه لقادرون، ثم علمه علاجا آخر للناس، لأن اللّه يعلم أنه لا بد من أن يصيبه أذى منهم فقال : ادفع يا محمد بالفعلة التي هي أحسن السيئة أى : ادفع السيئة بالحسنة، نحن أعلم بما يصفون وما يفترون على اللّه، وسنجازيهم على ذلك.
وقل يا محمد : رب إنى أعوذ بك من همزات الشياطين ووسوستها التي هي كالنخس ولقد أمر اللّه تعالى نبيه، وكذا المؤمنين بهذا، وعلاجا لسورة الغضب التي كانت تصيب المؤمنين عند سماعهم المشركين، وهم يصفون اللّه بما لا يليق به فتقع المشادة فلذلك وضعت الآيات هنا.
وكلها علاج لهم بعد بيان صفات اللّه الواجبة والمستحيلة، وفي هذا إشارة إلى أن النبي وصحبه سيلقون بسبب ذلك شدائد من الناس.
والعلاج هو ذكر اللّه والتوجه إليه أن يبعدنا من العذاب إذا نزل، وأن نحسن للناس إذا أساءوا لنا فالحسنة تجب السيئة ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [سورة فصلت آية ٣٤] وبعد هذا فإذا همز الشيطان ووسوس بالغضب والسورة فادعوا اللّه واستعيذوا به من الشيطان الرجيم إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ [سورة الأعراف آية ٢٠١] وإنه لعلاج مفيد يجب أن يتنبه له المسلمون.
من مشاهد يوم القيامة [سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٩ الى ١١٨]
حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣)
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥) قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧) قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨)
إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١) قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣)
قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)


الصفحة التالية
Icon