ج ٢، ص : ٦٤٧
مكشرون، وذلك جزاء الظالمين، وهذا تقريع من اللّه وتوبيخ لهم على ما ارتكبوا من الكفر والإثم والعدوان حيث يقول اللّه لهم : أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ ؟ !! وهذا استفهام تقرير وتوبيخ لهم، والمعنى : قروا بهذا واعترفوا فهو أمر ظاهر لا ينكره عاقل.
قالوا : ربنا غلبت علينا شهواتنا. وقادتنا لذاتنا إلى الشقاء ودخول النار، وكنا قوما ضالين غير فاهمين للأمور على وضعها الصحيح ثم عادوا فكرروا ما طلبوه أولا وقالوا :
ربنا أخرجنا من هذا الموقف إلى الدنيا فإن عدنا إلى أفعالنا تلك فإنا ظالمون نستحق منك العقوبة الصارمة.
فيرد اللّه عليهم بمنتهى الغلظة والشدة قائلا : اخسئوا فيها، وابعدوا في جهنم، ولا تكلمون أبدا بعد هذا.
وكأن سائلا سأل وقال. لم هذا العذاب والرد الشديد ؟ فأجيب بقوله : إنه كان فريق من عبادي يقولون في الدنيا : ربنا آمنا بك وصدقنا رسلك فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فما كان منكم أيها المكذبون الظالمون إلا أنكم اتخذتموهم سخريا تسخرون بهم، وتضحكون عليهم، وتسخرونهم وتعذبونهم.
اتخذتموهم سخريا إلى أن نسيتم ذكرى لشدة انشغالكم بالاستهزاء، وكنتم منهم تضحكون، إنى جزيتهم اليوم بما صبروا على فعل الطاعات، وترك المحرمات، والرضا بقضاء اللّه وقدره، جزاهم ربهم بهذا جنة قطونها دانية، إنهم هم الفائزون.
يقول اللّه لهم تبكيتا وتأنيبا بعد أن طلبوا الرجوع فردوا، وقيل لهم : اخسئوا فيها ولا تكلمون : كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ وهذا سؤال عن مدة مكثهم في الدنيا.
قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم، استقصروا مدة لبثهم لما هم فيه من العذاب فاسأل العادين المتمكنين، فإننا في حالة تذهب العقول وتحير النفوس.
قال : ما لبثتم في الأرض إلا قليلا من الزمن بالنسبة إلى لبثكم في العذاب المقيم.
ألم تعلموا فحسبتم أنا خلقناكم عابثين لاعبين ليس لغرض صحيح ؟ أفحسبتم أنكم إلينا لا ترجعون ؟


الصفحة التالية
Icon