ج ٢، ص : ٦٥٤
وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ نعم ومحرم ذلك على المؤمنين الكاملين فنكاح المؤمن الصادق المحمود عند اللّه زانية خبيثة فاجرة وانخراطه في بيئة الفساق محظور عليه ومحرم، ولو كانت الزانية الفاجرة من أثرياء العالم.
وليس معنى ذلك أن العقد محرم ولا يصح، وإنما التحريم معناه لا ينبغي للمسلم ولا يصح ذلك منه من حيث كونه مؤمنا صادقا وإن عقد فالعقد صحيح من ناحية الحكم الشرعي، وكذلك الشأن عند من تتزوج من زان خبيث، ولقد صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم « فاظفر بذات الدّين تربت يمينك »
أما نكاح المؤمن للمشركة وبالعكس فحرام مطلقا وهذا تعليم قرآنى كريم لا يصدر إلا من خبير بصير رءوف بنا رحيم، فقد أثبتت الأيام أن هذه الزيجات التي تعقد على أساس المادة مع التعامي عن الخلق والسيرة الحسنة فاشلة وغير مجدية.
بقي علينا أن نفهم السر في تقديم الزانية على الزاني في أول الآية، وتقديم الزاني على الزانية في عجز الآية!!.
ولعل السر أن الزنى ينشأ غالبا وللمرأة فيه الضلع الأكبر فخروجها سافرة متبرجة متزينة، داعية لنفسها بشتى الوسائل المغرية من أصباغ وعطور وملابس ضيقة تبرز كل أجزاء جسمها فهن العاريات الكاسيات المائلات المميلات، ثم هي تمشى بحركات وسكنات ونظرات كلها إغراء، وإلهاب للشباب وفتنة، وهذه كلها حبائل للشيطان، وليس معنى هذا أن الرجال بريئون، لا. بل عليهم قسط كبير في الجرم وقسط المرأة أكبر ولذا قدمها على الزاني وفي عجز الآية حيث يعالج النكاح بمعنى العقد وللمرأة فيه الخطوة الثانية أما الرجل فله مهما كانت الظروف الخطوة الأولى والكلمة الأولى، ولذا قدمه على المرأة واللّه أعلم بأسرار كتابه.
القذف بالزنا وحدّه [سورة النور (٢٤) : الآيات ٤ الى ٥]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)