ج ٢، ص : ٦٨٨
النور، واهتدى بهديه، ومنهم من ضل سواء السبيل، وتراكمت عليه الظلمات حتى إذا أخرج يده (و هي أقرب الأشياء إليه) لم يكد يراها.. واللّه قد ساق من الأدلة الحسية ما يشهد بذلك ويؤيده، ويبين مدى انقياد الكون كله للّه، وفي هذا ما يدل على فرط جهل الكفار، وبيان ضلالهم.
ألم تر وتعلم أيها النبي وكذلك كل مخاطب أن اللّه - سبحانه - يسبح له من في السموات ومن في الأرض، وما بينهما من الطير، ولقد ساق اللّه هذا بأسلوب فيه استفهام تقريرى وفي ذلك إشارة إلى أن تسبيح الكائنات وانقيادها له - سبحانه - واضح إلى حد أن يرى ويعلم علما لا شك فيه.
هذا الكون كله بما فيه من سماء وأرض وفضاء وكل شيء يدل دلالة قوية على تنزيه الحق - سبحانه وتعالى -، ويشهد على ذلك بلسان الحال لا بلسان المقال، وبما أودع فيها من آيات الإبداع والإتقان الدالات على كمال منشئها وعظيم قدرته وحسن تنظيمه وإتقانه.
انظر إلى العوالم التي في السماء، والعوالم التي في الأرض، وإلى عالم الطير الذي يعيش في الجو، وما يحويه كل عالم من عجائب تجدها ناطقة على قدرة القادر، ووحدة الصانع، ووصفه بصفات الكمال والجلال :
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
وهذا تقرير الربوبية، ولفت النظر إلى الكائنات العلوية والسفلية، وإنما خص الطير حالة كونها صافات أجنحتها بلا تحرك وهي في أجواء الفضاء طائرة لأن ذلك أدل على قدرة اللّه الصانع.
كل كائن في السماء أو في الأرض أو بينهما قد علم اللّه صلاته وتسبيحه، واللّه عليم بما يفعلون، فما بالك أيها الإنسان تكفر بربك، وتجحد نعمته ولا تؤمن بكتابه.
واللّه وحده ملك السموات والأرض، وما فيهن، وإلى اللّه وحده المصير، وإليه المرجع والمآب، والكل منه وإليه.
وهذا دليل آخر من أدلة العظمة الإلهية، التي نراها ونلمسها في كل وقت وحين ألم تر أن اللّه يزجى سحابا أى : يسوق بعضه إلى بعض، ولا غرابة فهو يتكون من