ج ٢، ص : ٧٢٥
من قبيح أعمالهم [سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤١ الى ٤٤]
وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤)
يا عجبا لهؤلاء! لم يكتفوا بتكذيبهم لرسول اللّه الصادق الأمين، وإنما جعلوه موضع استهزائهم، يستهزئون به ويتندرون عليه، وأيم اللّه إن هذا منهم لعجيب فلم يكن المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم في شكله العام أو تصرفاته الخاصة يصح أن يكون موضع استهزاء، على أن الآيات والحجج التي ظهرت على يد الرسول تمنع من ذلك، بل هم الذين يستحقون الاستهزاء بهم حيث تركوا عبادة الواحد القهار إلى عبادة الأصنام والأحجار!! وإذ رأوك - ما يتخذونك إلا هزوا - يقولون : أهذا الذي بعث اللّه رسولا ؟
والاستفهام هنا للتحقير والاستهزاء، ولعل منشأ ذلك أنه ليس غنيا من أغنياء القوم.
والعجب منهم كيف يستهزئون به ثم ينسبون له في الوقت نفسه العمل الجليل والأثر الخطير حيث يقولون : إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها فهو قوى الحجة شديد التأثير يكاد يصرفنا عن عبادة الآلهة، لو لا أن حبسنا أنفسنا على عبادتها وتعظيمها، وهذا يدل على جد الرسول واجتهاده في تبليغ دعوته، وعلى مقدار تمسكهم بالباطل، وقد رد اللّه عليهم بأمور ثلاثة :


الصفحة التالية
Icon