ج ٢، ص : ٧٤٠
تاب عن أى ذنب عمله فإنه يتوب إلى اللّه توبة حقا، واللّه تكفل بجزائه الجزاء الحسن على ذلك.
٩ - وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً والزور هو :
الكذب أو الشرك وعبادة الأصنام، أو الفسق والباطل، وقيل هو أعياد المشركين أى :
مشاركة الكفار في مواسمهم وأعيادهم، وعلى هذا فالمراد حضور تلك المآثم والاشتراك فيها، أو المعنى لا يشهدون الزور وهو الكذب متعمدا على الغير.
وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في الصحيحين عن أبى بكرة قال : قال رسول اللّه « ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر ؟ - ثلاثا » - قلنا : بلى يا رسول اللّه قال :« الشّرك باللّه، وعقوق الوالدين » وكان متكئا فجلس فقال :« ألا وقول الزّور ألا وشهادة الزّور »
فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
والأظهر أن المراد لا يحضرون الزور وكل بهتان وإثم، وإذا اتفق ومروا عليه مرور الكرام لا يلتفتون، ولا يشتركون مع الآثمين.
١٠ - وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً فهم الذين إذا ذكروا بآيات اللّه أو تليت عليهم آياته وجلت قلوبهم، وازداد إيمانهم وتوكلهم على اللّه بخلاف الكفار فهم إذا سمعوا آيات اللّه لم يتأثروا، ولم يتغيروا عما كانوا عليه بل يظل حالهم على ما كان بل وقد يسوء وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً ؟ « ١ » فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ « ٢ »، إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا « ٣ » وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية ما معناه :
إذا ذكروا بآيات اللّه أكبوا عليها وأقبلوا على من ذكروهم بها بأذن سامعة وأعين باصرة، وقلوب واعية لا كالكفار وعصاة المؤمنين إذا ذكروا بالقرآن تراهم مقبلين بوجوههم فقط وهم صم الآذان عمى البصائر والأبصار حيث لم يفهموا من هذا القرآن شيئا، ولم يتعظوا بمرور تلك الآيات أبدا.
١١ - وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً المؤمن الكامل هو الذي يجعل نفسه متجهة إلى الباقية لا العاجلة فيكون همه الآخرة وما فيها، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وهو الذي يطلب من اللّه أن

_
(١) التوبة الآية ١٢٤. -
(٢) التوبة الآيتان ١٢٤ و١٢٥. - [.....]
(٣) مريم الآية ٥٨.


الصفحة التالية
Icon