ج ٢، ص : ٧٨٠
قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ جوفه شعرا »
يريد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأن يمتلئ الجوف قيحا يأكله خير من أن يمتلئ جوفه شعرا، وبين
قوله صلّى اللّه عليه وسلم « إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة »
فالشاعر الذي وقف نفسه على نصرة الحق والدفاع عن الوطن، والذود عنه، وعلى مدح من يستحق المدح كمن مدح النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قديما وحديثا، ومن تكلم فأجاد من المواقف الوطنية التي تربى النفوس، وتهذب العقول، وتوحد الصفوف، وليس كالشاعر الذي يتكلم في الغزل، ويتشبب بالنساء والغلمان، والذي يدعو إلى الفجور والفسق، وإن كان كلامه تحفة فنية في باب الأدب، الأول ممدوح شرعا، والثاني مذموم.
ولهذا استثنى القرآن بقوله : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ودفعوا عن النبي ودينه كحسان بن ثابت وابن رواحه الذي
يقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في شعره « خلّ عنه يا عمر فلهو أسرع فيهم - أى قريش - من نضح النّبل »
وما شعر حسان بن ثابت وشعر البوصيرى، وشعر شوقي عنك ببعيد.
ثم ختمت السورة بهذا التهديد الشديد : وسيعلم الذين ظلموا أنفسهم أى منقلب ينقلبون.


الصفحة التالية
Icon