ج ٢، ص : ٨٥٥
المفردات :
أَحَسِبَ النَّاسُ أظنوا وتخيلوا لا يُفْتَنُونَ الفتنة : الابتلاء والاختبار بالشدائد التي تصادف الناس أَنْ يَسْبِقُونا أى : يفوتونا فلا ننتقم منهم ساءَ ما يَحْكُمُونَ بئس حكمهم يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ أى : يأمل في لقائه وثوابه، قيل :
يخاف لقائه.
لقد ذكر الفخر الرازي - رحمه اللّه - في تفسيره مسائل في تفسير هذه الآية، منها مسألة في حكمة افتتاح هذه السورة بقوله الم وأنا ألخصها فيما يأتى :
البليغ الحكيم إذا خاطب مشغول البال، أو من هو في غفلة، يقدم ما يجعل المخاطب يلتفت إليه، ويتجه بقلبه ثم يشرع فيما يريده، وهذا المقدم قد يكون كلاما له معنى مفهوم مثل : اسمع. التفت تنبه إلخ، وقد يكون أداة استعملت للتنبيه كأدوات النداء والاستفتاح مثل أمحمد. يا على : ألا يا خالد، وقد يكون المقدم صوتا غير مفهوم كالتصفير مثلا أو التصفيق باليد إلخ.
ومن المألوف في أساليب اللغة أن ألفاظ التنبيه تستعمل عند الغفلة على حسبها، وتستعمل على شكل واسع إذا كان المقصود من الكلام مهما، وموضعه خطيرا.
وإذا قدم المتكلم البليغ على كلامه لفظا غير مفهوم المعنى، كان ذلك أدعى للالتفات، وأقوى في التنبيه لما بعده مثل الحروف الهجائية التي تفتتح بها السور فإن قال قائل : ما الحكمة في اختصاص بعض السور بهذه الحروف ؟ فالجواب : أن عقل البشر قاصر عن إدراك الأشياء الجزئية والحكم المقصودة من ذلك، واللّه ورسوله أعلم بذلك كله.
ولكن هذا لا يمنع من ذكر ما يوفقنا اللّه له فنقول (أى الفخر) : كل سورة في أوائلها حروف التهجي فإن في أوائلها ذكر الكتاب أو القرآن، واقرأ أول سورة البقرة وآل عمران. والأعراف. ويس. وق والقرآن المجيد. والحواميم إلا ثلاث سور : سورة مريم، والعنكبوت هذه، والروم...
ولعل الحكمة كما قلنا سابقا أن القرآن عبء ثقيل، وفيه أحكام وحكم، وهو دستور