ج ٢، ص : ٨٦٢
نوح وقومه [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ١٤ الى ١٥]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥)
المفردات :
الطُّوفانُ ما أطاف وأحاط بكثرة وغلبة من سيل أو موت أو ظلام ليل.
وهذه قصة نوح - عليه السلام - أطول الأنبياء عمرا، دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ومع هذا فلم يؤمن معه إلا قليل، وقد سيقت تسلية وعبرة لمن يعتبر، وقد ذكر بعدها قصص بعض الأنبياء لهذا الغرض.
المعنى :
ولقد أرسلنا نوحا - وقد ورد أنه أول نبي أرسل - إلى قومه وكانوا أهل كفر وفسق وعصيان فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى اللّه ويذكرهم بيوم القيامة، ولكنهم كانوا يردون عليه أسوأ رد وأفحشه، وقد بذل نوح منتهى ما في وسعه كبشر، وطال الزمن وهو يدعوهم أن يقلعوا عن عبادة الأصنام فلم يزدهم دعاؤه إلا إعراضا واستكبارا، وقال نوح : رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا، ومكروا مكرا كبارا، وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، فقال لما ضاق به الأمر : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا.
وكان أن صنع السفينة وركبها هو والمؤمنون وترك الكفار فغرقوا جميعا، وأخذهم الطوفان وهم ظالمون، ونجاه اللّه هو ومن معه في الفلك المشحون، وجعل ربك سفينة نوح آية وعبرة للعالمين، فهل من مدكر ؟ !!.


الصفحة التالية
Icon