ج ٢، ص : ٨٧٥
وعليك بالصلاة فهي عماد الدين، وهي الصلة بين العبد والرب، فإن ألم بك حادث تكرهه أو جفاك الناس فعليك بالقرآن، والجأ إلى الصلاة تتصل باللّه وإذا اتصلت به كنت ربانيا روحانيّا عند ذلك تدين لك الصعاب، وتخضع الرقاب، وتصل إلى ما تريد وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً « ١ ».
والصلاة عملية تطهير لصاحبها، وتتكرر لتغسل أدرانه، وما قد يكون علق بنفسه وروحه من غبار الدنيا، وهي كما يقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ما معناه : هي نهر أمام بيتك تغتسل منه خمس مرات فهل يبق عليك درن ووسخ ؟ !!.
الصلاة الحقيقية التامة الأركان، المستوفية الشروط، المقومة بأركانها وسننها وآدابها، الصادرة من قلب برىء خالص، سليم من الرياء والنفاق، مملوء بالخوف من اللّه والرجاء في عفوه.
هذه الصلاة هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، عن ابن عباس وابن مسعود قالا :
«
في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصى اللّه - تعالى - فمن لم تأمره صلاته بالمعروف ولم تنهه عن المنكر لم يزد بصلاته من اللّه - تعالى - إلا بعدا »
وقال الحسن وقتادة « من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فصلاته وبال عليه » ومن هنا ندرك كيف يقع من بعض المصلين فحش ومنكر ؟ والجواب أنها صلاة بلا روح صلاة بلا خشوع ولا خضوع، صلاة فيها رياء وسمعة، صلاة لا يمكن أن تنهى عن فحشاء ومنكر.
فليست الصلاة تنهى بقيامها وركوعها وسجودها لا. إنما تنهى بذكر اللّه وتذكره أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ « ٢ » ومن هنا قال اللّه وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ واللّه يعلم الغيب والشهادة، وهو العليم بذات الصدور، فراقبوا اللّه مراقبة من يعلم أن اللّه يسمعه ويراه.
والذكر النافع هو الذي يكون مع العلم وإقبال القلب وتفرغ النفس مما سوى اللّه، وأما ما لا يتجاوز اللسان فشيء آخر، واللّه يعلم ما تصنعون وفقنا اللّه للخير.

_
(١) سورة الطلاق الآية ٢.
(٢) سورة الرعد الآية ٢٨.


الصفحة التالية
Icon