ج ٢، ص : ٩٨
المفردات :
الر تقرأ ألف. لام. را، وفيها ما ذكرناه في أول سورة البقرة من اختلاف العلماء وانتهينا إلى أنها سر من أسراره تعالى، هو أعلم به، وفي القرآن الكريم محكم ظاهر المعنى ومتشابه اللّه أعلم به، والرأى الثاني : أنها للتحدى والإلزام، أو هي أداة استفتاح وتنبيه لما سيلقى بعدها. والملاحظ أن هذه السور المفتتحة بتلك الحروف مكية إلا سورتي البقرة وآل عمران، وأنها تعالج إثبات التوحيد والبعث والكلام على القرآن الكريم وإعجازه إلخ. ما كان يخاطب به النبي صلّى اللّه عليه وسلّم مشركي مكة، ويلاحظ أن فيها غالبا قصص الأنبياء الذين كانوا يسمعون عنهم، ولا يعرفون من أخبارهم شيئا، وهذه الحروف تارة تكون آية مستقلة، أو تكون جزء آية وصدق اللّه وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [سورة الإسراء آية ٨٥].
المعنى :
هذا كتاب عظيم الشأن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، كتاب أحكمت آياته بوضوح المعنى، وبلاغة الدلالة وقوة التأثير، فهي كالبناء المحكم والحصن المنيع لا ريب فيها ولا شك. ثم فصلت، ورتبت، ونظمت، وسويت، في سور مترابطة، وآيات متناسبة فكل سورة منه آية بديعة، وقطعة فنية عالية في سماء البيان والبلاغة، فصلت كما تفصل القلائد بالفوائد، ففي السورة عقائد وأحكام، وقصص ومواعظ وأدب واجتماع، وعلوم ومعارف، وغير ذلك.
أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم كامل الحكمة، وخبير عليم، هو الذي فصلها، وفي ذكر (ثم) إشارة إلى أن مرتبة التفصيل أعلى وأسمى من مرتبة الأحكام فقد جمع القرآن بين أطراف الكمال والجلال.
فصل هذا الإحكام، والتفصيل للقرآن وآياته لئلا تعبدوا إلا اللّه وحده ولا تشركوا به شيئا، وهذا هو الأساس الأول، والمقصود المهم لكل نبي ورسول كما ستراه في القصص الآتية.
وقيل أمر رسول اللّه أن يقول للناس : أمركم ربكم ألا تعبدوا إلا اللّه، إننى لكم