ج ٣، ص : ١٢٩
تلك مقالة الكفار والرد عليها، أما الذين أوتوا العلم، وهدوا إلى الطيب من القول فيرون أن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق، وهو يهدى إلى صراط العزيز الحميد، وفيه الإخبار بالبعث وأحوال يوم القيامة فهو حق لا شك فيه.
وانظر إلى الكفار يقولون على سبيل السخرية والاستهزاء : هل ندلكم على رجل يخبركم بالبعث إذا مزقتم كل ممزق ؟ ! أبعد هذا التمزيق وأننا نضل في الأرض نبعث على خلق جديد إن هذا لعجيب ؟ !! تلك مقالة الكفار ثم يتبعونها بقولهم : أهذا الرجل يفترى على اللّه الكذب عمدا، أم هو رجل مجنون قد اختلط عقله فما يدرى ما يقول ؟ ! بل أنتم أيها الكفار قوم ليس عندكم استعداد للإيمان بالآخرة، وأنتم في العذاب بسبب أعمالكم والضلال البعيد لاعتقادكم الباطل ؟
أعموا فلم يروا ما بين أيديهم، وما خلفهم، وما على جوانبهم في السماء والأرض من آيات شاهدة وأدلة ناطقة على قدرة اللّه القادرة، وعلى علمه الكامل المحيط بكل صغيرة وكبيرة، وأن اللّه - سبحانه وتعالى - قادر على أن يخسف بهم الأرض كما خسف بقارون لما بغى، أو يسقط عليهم كسفا من السماء كما فعل بأصحاب الأيكة لما ظلموا، إن في ذلك كله لآيات لكل عبد منيب تواب يرجع إلى اللّه.
داوود وسليمان [سورة سبإ (٣٤) : الآيات ١٠ الى ١٤]
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (١٣) فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (١٤)