ج ٣، ص : ١٤١
ويناقش بعضهم بعضا في حالهم التي وصلوا إليها، لو تراهم والحالة هذه لرأيت أمرا عجبا.
ولو تراهم إذ يقول الأتباع والمستضعفون للذين استكبروا وتعالوا عليهم من القادة والرؤساء : لو لا أنتم أيها الرؤساء موجودون لكنا مؤمنين، فأنتم السبب في كفرنا وعليكم التبعة، وأنتم تستحقون مضاعفة العذاب. وبما ذا رد الذين استكبروا ؟ قالوا لهم : أنحن صددناكم عن الهدى ومنعناكم منه بعد إذ جاءكم ؟ لا لم يحصل هذا أبدا. بل كنتم أنتم مجرمين ومرتكبين الإثم والكفر باختياركم وميلكم، ليس لنا دخل في صدكم وكفركم باللّه، وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا يردون عليهم مقالتهم : بل مكركم الدائم ليلا ونهارا هو الذي حملنا على الكفر وأمرنا به، نعم دعايتكم المسمومة وحيلتكم الفتاكة ووضعكم في موضع القيادة والتبع، كل هذا أثر فينا حتى كفرنا وأشركنا من حيث لا نعلم، فكان ما صنعتموه معنا أشبه شيء بالمكر والحيلة حتى وصلنا إليه.
وأظهروا جميعا - التابعون والمتبوعون - الندامة لما رأوا العذاب محضرا، وجعلنا الأغلال في أعناقهم فلا يفلتون من عذاب ربك أبدا، وهل هذا إلا جزاء أعمالهم في الدنيا ؟ نعم وهل يجزون إلا ما كانوا يعملون ؟
تسلية للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم [سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٣٤ الى ٣٩]
وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (٣٨)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩)