ج ٣، ص : ١٥٢
عن الإيمان إلى الكفر، وإن قلنا : إنه مأخوذ من الإفك بمعنى الكذب كان المعنى : من أين يقع لكم التكذيب بتوحيد اللّه.
المعنى :
الحمد للّه رب العالمين، الرحمن الرحيم، الحمد للّه حمدا كما حمد به نفسه، تعظيما لها وتشريفا، وتعليما لعباده وتأديبا، فهو المستحق وحده الثناء الجميل، لأنه صاحب الفعل الجليل، تبارك اسمه وتعالى، سبحانه وتعالى، خالق السموات والأرض، ومبدعهما لا على مثال سابق، فهو صاحب الخلق الأول، ومن قدر على البدء فهو قادر بلا شك على الإعادة.
وهو الذي جعل الملائكة أصحاب أجنحة مثنى وثلاث ورباع، والمراد كثرة الأجنحة التي لا يعلمها إلا اللّه، ليتصور الخلق بإدراكهم قوة الملائكة على الحركة، وقدرة اللّه التي لا تحد، يزيد في الخلق ما يشاء، ويزيد زيادة غير محدودة ولا معروفة، وكيف نعرفها، ونحن أجهل الخلق بأنفسنا بل بأمس الأشياء بنا، فكيف نعرف زيادة اللّه في خلقه ؟ وفي كل يوم يكشف لنا العلم والواقع زيادات وزيادات لم تكن معروفة، وما نعرفه جزء من أجزاء كثيرة لا نعرفها، وسبحان علام الغيوب.
ولا تعجبوا لأن اللّه على كل شيء قدير، وبخلقه بصير وخبير.
ما يفتح اللّه للناس من رحمة فلا ممسك لها، اللّه أكبر، وللّه الحمد!! نعم ما يرسل اللّه من نعمة في السماء أو في الأرض فلا ممسك لها موجود، ولا مانع لها معروف، إذ لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه. وعلى هذا المبدأ يعيش المسلم في حياته سعيدا مطمئنا.
ولعلك تسأل : ما الحكمة في التعبير بالفتح « ما يفتح » بدل ما يرسل ؟ إذا كان المراد هو الإرسال بدليل قوله تعالى : وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ وقد أجاب عن ذلك الزمخشري وتبعه أبو السعود فقال :« عبر عن إرسالها بالفتح إيذانا بأنها أنفس الخزائن التي يتنافس فيها المتنافسون، وأعزها منالا، وتنكيرها للإشاعة والإبهام، أى : أى شيء