ج ٣، ص : ١٥٥
ولا يغرنكم باللّه الغرور، فيقول لكم الشيطان وأتباعه : اعملوا ما شئتم فإن اللّه غفور، يغفر السيئات، ويعفو عن الخطيئات، أيها الناس لا تغرنكم الأمانى الكاذبة التي نسمعها من بعض الناس الذين يقولون : نحن أتباع النبي محمد فلن نصاب بسوء، تلك أمانيهم، وليس الإيمان والثواب عليه بالتمني الكاذب.
إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا أخبرنا اللّه - عز وجل - بأن الشيطان يبدو لنا من قديم الأزل فهو الذي أخرج أبانا آدم من الجنة، وأوقعه في الزلة، وهو الذي أقسم على إغوائنا وإضلالنا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ [سورة النساء آية ١١٩] لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ [سورة الأعراف آية ١٦].
وإنه لعجيب أن نتولاه ونطيعه فيما يأمر به ويريده، مع أن فيه هلاكنا! ولذا يقول اللّه : فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا في كل أعمالكم وأحوالكم الظاهرة والخفية، وناصبوه العداء في سركم وجهركم، واعلموا أن لوسوسة الشيطان علامة، ولإلهام الملك علامة،
عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :« للشّيطان لمّة وللملك لمّة - خطرة - تقع في القلب، فأمّا لمّة الشّيطان فإيعاد بالشّر وتكذيب بالحقّ وأمّا لمّة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحقّ..
الحديث »، وهو مروى عن عبد اللّه بن مسعود.
احذروا الشيطان، ولا تتبعوا خطواته فإنه إنما يدعو حزبه وأتباعه ليوردهم موارد الهلكة، وليوقعهم في حبائله التي تقذف بهم في نار جهنم يتلظون بسعيرها وما لكم لا تسرعون في البعد عن حزب الشيطان والدخول في حزب الرحمن والقرآن ؟ !.
إن الذين كفروا واتبعوا الشيطان لهم عذاب شديد، والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك حزب اللّه لهم مغفرة ورزق كريم، وأجر كبير، ولما ذكر الفريقين الكافر والمؤمن قال لنبيه : أفمن زين له عمله السّيئ فرآه عند نفسه حسنا وصوابا كمن لم يزين له السوء بل اهتدى واتبع الحق ؟ ! وكأن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : لا. فقال اللّه : فإن اللّه يضل من يشاء ويهدى من يشاء على معنى هذا الذي عمل السوء حتى أظلم قلبه وفرغ من خشية اللّه حتى أصبح عنده القبيح حسنا والحسن قبيحا، هذا الصنف لا يعبأ به اللّه يخذله ويتركه، ومن تاب فاللّه يهديه ويوفقه ويساعده على ذلك.