ج ٣، ص : ١٧٠
أبدا.. وفائدة هذا الكلام توجيه الأنظار لهم، ولفت العقول إلى باطلهم لعلكم تتفكرون! بل ما يعد الظالمون من رؤسائهم وقادتهم وشياطينهم ما يعد الظالمون غيرهم من أتباعهم، فهم ظالمون أيضا لأنفسهم، ما يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا بقولهم :
لا بعث ولا حساب، وإن كان فالآلهة تشفع لنا وسترد عنكم العذاب، ونحن سادة في الدنيا فسنكون كذلك في الآخرة، أليس هذا كله غرورا في غرور ؟
وكيف يكون شيء من هذا ؟ وللّه الأمر وحده من قبل ومن بعد، وهو الذي رفع السماء وبسط الأرض، ويمنعها من السقوط والزوال إلى الأبد، ولئن حكم عليها بالزوال فما أحد من الموجودين بقادر على إمساكهما ومنعهما من الزوال، إنه كان حليما بخلقه غفورا لسيئاتهم.
فانظروا أيها المشركون أين أنتم ؟
حقيقة هؤلاء المشركين [سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٤٢ الى ٤٥]
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (٤٣) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْ ءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥)