ج ٣، ص : ١٩٩
وغيرها على وجه يتناسب بالمزجور، ومن جملة ذلك زجر العباد عن المعاصي بالإلهام وزجر السحاب، أى : سوقها إلى مكانها، زجر الشيطان عن الوسوسة والإغواء، فالملائكة التاليات ذكرا على العباد، إذا هم الذين يجيئون بالكتاب من عند اللّه - عز وجل - إلى الناس.
ولعلك تسأل كيف يقسم اللّه بالملائكة أو غيرها مع أن الشرع ينادينا بألا نقسم إلا باللّه أو بصفة من صفاته ؟ ولهذا قيل : إن المراد ورب الصافات صفاّ.. استنادا إلى أنه صرح بهذا في قوله تعالى : وَالسَّماءِ وَما بَناها « ١ » ويظهر - واللّه أعلم - أن اللّه يقسم بهذه الأنواع إظهارا لعظمتها، وبيانا لجميل صنعها، وهذا بالتالى يشعرنا بعظم الخالق وجلال قدره، وكمال قدرته إذ هذه آثاره :« ٢ » إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ وهذا جواب القسم السابق، ولا يقال : إنه كلام مع منكر فماذا يفيد القسم ؟ والجواب أنه قسم متبوع بالبرهان الذي يثبت الوحدانية للّه - تعالى - رب السموات والأرض، وما بينهما من خلق، ورب مشارق الشمس والكواكب كلها، فإن وجود هذه الكائنات على ذلك التقدير البديع والنظام المحكم أوضح دليل على وحدانية اللّه - تعالى - وعلى كمال قدرته.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
وللشمس مشارق بعدد أيام السنة الشمسية، فإن للشمس كل يوم مشرقا خاصا، ولها في كل عام مشرقان رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ « ٣ » باعتبار أقصى مشرق في الشمال وأقصى مشرق في الجنوب، واكتفى بالمشرق عن المغرب لأن عظمة اللّه في المشرق أظهر وأوضح.
إنا زينا السماء الدنيا التي هي أقرب السموات من أهل الأرض بزينة هي الكواكب فإن الكواكب بذاتها وأوضاعها زينة وأى زينة ؟ زيناها وحفظناها حفظا من كل شيطان مارد، فاللّه - سبحانه وتعالى - خلق الكواكب زينة للسماء وحفظا لها من كل شيطان مارد عات خارج عن الطاعة. متعر عن الخيرات. لئلا يسمعوا « ٤ » مصغين إلى الملأ

_
(١) - سورة الشمس آية ٥.
(٢) - أما الفاء في قوله : والصافات صفا، فالزاجرات زجرا فإنها للترتيب الرتبي.
(٣) - سورة الرحمن آية ١٧.
(٤) - ثم حذفت أن فرفع الفعل، والجملة مستأنفة استئنافا نحويا.


الصفحة التالية
Icon