ج ٣، ص : ٢١
المفردات :
تَنْتَشِرُونَ أى : منتشرون في الأرض تبتغون من فضل اللّه لِتَسْكُنُوا إِلَيْها يقال : سكن إليه إذا مال إليه مَوَدَّةً وَرَحْمَةً قال السدى : المودة والمحبة والرحمة :
الشفقة الْبَرْقَ : هو الشرارة الكهربائية التي تظهر في الجو وخاصة عند السحب، وينشأ عنها الرعد قانِتُونَ : مخلصون في طاعته الْمَثَلُ الْأَعْلى : الصفة العليا.
وهذه بعض آيات اللّه الناطقة بوحدانية اللّه تعالى، الشاهدة بربوبيته، وأنه لا إله إلا هو، وأنه لا يستحق العبادة والتقديس سواه، وهذا كدليل على ما سبق من قوله فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ.. (الآية).
وقد ذكر اللّه - سبحانه وتعالى - في هذه الآيات بدء خلق الإنسان، وعمارته للأرض وبقاءه فيها بخلق الذكر والأنثى، ثم ذكر من مظاهر الكون السماء والأرض، ثم ذكر من لوازم الإنسان اختلاف ألسنته وألوانه، ومن عوارضه النوم والسعى في الرزق، ثم ذكر من عوارض السماء والأرض البرق والمطر، ومن لوازمهما قيامهما، وإنا نرى أن اللّه - سبحانه وتعالى - ذكر لفظ (و من آياته) ست مرات جمع فيها بين بدء خلق الإنسان ونهايته خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ.. إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ.
المعنى :
ومن آياته الدالة على ربوبيته ووحدانيته أن خلقكم من تراب، على معنى أنه خلق أبانا من تراب، ثم خلق أبناءه من ماء مهين، ولنا أن نتوسع ونقول : نحن جميعا مخلوقون من تراب : أما أبونا آدم فظاهر فيه ذلك بنص القرآن الكريم، وأما ذريته فهم من ماء مهين، وهذا الماء من الدم، والدم من الغذاء. والغذاء يرجع في جملته إلى النبات، والنبات من الأرض، فتكون النتيجة أنا خلقنا من تراب، فإذا عبر القرآن بخلق البشر من التراب فهذا هو الأصل والأساس، وإن عبر بأنه خلقنا من ماء مهين فهذا هو الظاهر في ذرية آدم.
خلقكم من تراب يابس جاف لا حياة فيه ولا نمو ولا حركة ثم مع هذا كله إذا أنتم بشر أحياء عقلاء مفكرون تتصرفون في قوام معايشكم، وعمارة أرضكم، واستخدام