ج ٣، ص : ٢١٤
فأقبلوا إليه مسرعين المشي لما سمعوا بالذي حصل من إبراهيم قائلين له : نحن نعبدها ونقدسها، وأنت تضربها وتكسرها ؟ ! : إن هذه لجرأة منك شديدة! قال لهم موبخا : أتعبدون ما تنحتونه بأيديكم، وتصنعونه على أعينكم من حجارة أو خشب، وتتركون عبادة اللّه الذي خلقكم وسواكم وعد لكم في أحسن صورة وهو الذي خلقكم والمادة التي تعملون منها الأصنام ؟ !.
قالوا بعد أن تشاوروا في أمره : ابنوا له بنيانا واسعا تملأونه حطبا كثيرا، وأضرموا فيه النار، فإذا التهبت فألقوه في تلك النار المسعرة، فأرادوا به كيدا وسوءا باحتيال منهم ومكر فجعلهم ربك من الأسفلين الأذلين حيث أبطل كيدهم ورده في نحورهم، وجعله دليلا على صدق إبراهيم، ودليلا على علو شأنه حيث جعلت النار المحرقة بردا وسلاما عليه.
وقال إبراهيم لما نجا من كيدهم : إنى ذاهب إلى ربي يهديني إلى ما فيه صلاح ديني ودنياى، رب هب لي ولدا من الصالحين يعينني على الدعوة والطاعة. ويؤنسني في الغربة والمجاعة. فبشرناه بغلام حليم..
قصة الذبيح [سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٠٢ الى ١١٣]
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦)
وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (١٠٩) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١)
وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣)