ج ٣، ص : ٢٦
وإذا كان الإنسان يأبى أن يكون عبده - وقد يبيعه في وقت أو يعتقه - شريكا له في ماله - الذي هو في الواقع رزق سيق إليه من اللّه - وهو يخافه ولا يتصرف فيه إلا بأمره، لكونه شريكا، إذا كان الإنسان يأبى أن يشاركه عبده في هذا المال مع أن هذا العبد يستوي معه في البشرية والعبودية للّه فكيف يقول : إن للّه شريكا في تصريف هذا الكون الذي هو ملكه، والشريك عبد دائم العبودية.
أظن أنه لا يقول بشركة الأصنام والأوثان للّه إنسان عاقل كامل القوى.
مثل ذلك التفصيل والبيان في إلزام الخصم الحجة قوية نفصل الآيات ونوضحها لقوم يحكمون عقولهم فيما يعرض لهم.
بل اتبع هؤلاء المشركون الذين ظلموا أنفسهم وغيرهم، اتبعوا أهواءهم ولم يحكموا عقولهم فليس لهم في هذا الشرك سند من عقل أو نقل أو حجة أو منطق فهم قوم ساروا على غير هدى ولا علم ولا بصيرة فلا أمل في رجوعهم إلى الحق وإلى الطريق المستقيم.
وإذا كان أمر هؤلاء الناس كذلك فمن يهدى من أضله اللّه ؟
لا أحد يقدر على هداية من خذله اللّه ولم يوفقه إلى الحق لأنه يستحق ذلك بطبعه، وما له من ناصر ينصره حتى لا يخذل، ويمنعه من عذاب اللّه حتى لا يعذب.
الإسلام دين الفطرة [سورة الروم (٣٠) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)