ج ٣، ص : ٢٧٩
المفردات :
أَسْرَفُوا : تجاوزوا الحد لا تَقْنَطُوا : لا تيأسوا وَأَنِيبُوا : ارجعوا وَأَسْلِمُوا : من الاستسلام والخضوع بَغْتَةً : فجأة يا حَسْرَتى الحسرة :
الندامة فِي جَنْبِ اللَّهِ : المراد طاعة اللّه وطلب مرضاته السَّاخِرِينَ :
المستهزئين كَرَّةً : رجعة.
روى عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال : لما اجتمعنا على الهجرة، اتعدت أنا وهشام بن العاص بن وائل السهمي، وعياش بن أبى ربيعة بن عتبة، أى : تواعدنا فقلنا : الموعد أضاة بنى غفار - أى : غديرهم - وقلنا : من تأخر منا فقد حبس فليمض صاحبه، فأصبحت أنا وعياش بن أبى ربيعة وحبس عنا هشام، وإذا به قد افتتن فكنا نقول بالمدينة : هؤلاء قد عرفوا اللّه - عز وجل - وآمنوا برسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ثم افتتنوا لبلاء لحقهم ألا نرى لهم توبة ؟ ! وكانوا هم أيضا يقولون هذا في أنفسهم، فأنزل اللّه - عز وجل - في كتابه قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ.. الآيات. قال عمر : فكتبتها بيدي ثم بعثتها إلى هشام، قال هشام : فلما قدمت علىّ خرجت بها إلى (ذي طوى) مكان بمكة فقلت : اللهم فهمنيها فعرفت أنها نزلت فينا، فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : ورويت روايات أخرى في سبب النزول، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
المعنى :
قل يا محمد مبلغا عنى الذين أسرفوا على أنفسهم، وأفرطوا في المعاصي : يا عبادي لا تيأسوا من رحمة اللّه فإنه لا ييأس من رحمة اللّه إلا القوم الكافرون، لا تقنطوا من مغفرة اللّه، إن اللّه يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم، وهو تعليل للنهى عن اليأس والقنوط، وهذه الآية في كتاب اللّه، فهي تفتح باب الأمل للعصاة من المؤمنين حتى لا يظلوا سادرين في غيهم راكبين رءوسهم في طاعة أنفسهم وشياطينهم.
والنفس كثيرا ما تشعر بذنبها، وتندم على فعلها، وتذكر ماضيها، وتود لو أنها كانت من المؤمنين الذين عملوا الصالحات، فلو سد باب التوبة والرجوع إلى اللّه لظل


الصفحة التالية
Icon