ج ٣، ص : ٢٨٣
صلّى اللّه عليه وسلّم : ما سألنى عنها أحد : لا إله إلا اللّه واللّه أكبر. وسبحان اللّه وبحمده. أستغفر اللّه. ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلى العظيم، هو الأول والآخر والظاهر والباطن، يحيى ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
والمراد أنه يعطى أجرا على ذلك كبيرا، ويحرس من كل شر كما ورد في بعض الروايات، فكأن هذا الدعاء إذا ذكرته صباحا ومساء وكررته تفتح لك خزائن السموات والأرض ولا حرج على فضل اللّه.
روى أن المشركين قالوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم : أسلم ببعض آلهتنا ونحن نؤمن بإلهك، فقيل للنبي : قل لهم : أفغير اللّه الذي اتصف بأنه خالق كل شيء والمتصرف في كل شيء، وله وحده التصرف الكامل في هذا الكون أرضه وسمائه! أفغير اللّه الموصوف بهذا أعبد، ما هو غير اللّه ؟ أصنام وأحجار، وتماثيل وأوثان، وجمادات مخلوقة لا تسمع ولا تبصر، ولا تغنى شيئا، بل هي الضرر كل الضرر، أعبد غير اللّه الواحد القهار ؟
أتأمروني أيها الجاهلون بعبادة غير اللّه بعد ما وضح الحق وظهر الصبح ؟ إن أمركم لعجيب، وتاللّه لقد أوحى إليك بالتوحيد وأوحى إلى الذين من قبلك كذلك : لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك وليفسدن، ولتكونن من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأضلوا أعمالهم، وهذا كلام على سبيل الفرض، أى : لو فرض منك ذلك لكان كذلك، ولقد سيق لإقناط الكفرة من ترك محمد لرسالته، وليعلم الكل فظاعة الشرك وقبحه، فلقد نهى عنه من لا يستطيع الإلمام به، فكيف بمن يأتيه ؟ !! بل اللّه وحده فاعبد يا محمد أنت وكل من آمن بك، وكن من الشاكرين على هذا التوفيق فالحمد للّه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه.
وما قدروا اللّه حق قدره أبدا حيث عبدوا معه شركاء لا تسمع، ولا تنفع، والحال أن الأرض في قبضته، والسموات مطويات بيمينه، له الأمر كله وإليه ترجعون، وسبحان اللّه وتعالى عما يشركون.
وهذا الكلام وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ عند بعضهم تمثيل لحال عظمته - تعالى - وكمال تصرفه ونفاذ قدرته بحال من يكون له قبضة فيها الأرض كلها، وله يمين تطوى السموات طيا. ويرى بعضهم أن الكلام على حقيقته.


الصفحة التالية
Icon