ج ٣، ص : ٢٩٦
المفردات :
الْآزِفَةِ المراد : يوم القيامة سميت بذلك لقربها إذ كل ما هو آت قريب، ويقال : أزف الرحيل يأزف أزفا : إذا قرب كاظِمِينَ : ممتلئين غما الْحَناجِرِ : جمع حنجرة وهي الحلقوم حَمِيمٍ : قريب نافع خائِنَةَ الْأَعْيُنِ :
المراد الأعين الخائنة وهي التي تختلس النظر إلى المحرم وتسارقه واقٍ : حافظ يدفع عنهم السوء.
وهذا وصف آخر لأهوال يوم القيامة حتى يرتاع الكفار وتمتلئ قلوبهم روعة ورهبة.
المعنى :
وأنذر الناس وخاصة الذين يجادلون في آيات اللّه بالباطل، أنذرهم يوم القيامة اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ « ١ »، والقيامة وإن بعد زمانها إلا أنها آتية لا شك فيها، وكل آت قريب أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ « ٢ » إذ « ٣ » القلوب لدى الحناجر كاظمين، والمراد تخويفهم وترويعهم من ذلك اليوم وقت أن تكون القلوب لدى الحناجر، وهذه العبارة كناية عن شدة الخوف والوجل إلى درجة أن تخلع القلوب من أماكنها حتى تصل إلى الحلقوم فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ « ٤ » حالة كون أصحاب القلوب كاظمين، أى : مكروبين وساكتين مع امتلائهم غما وحزنا.
ومن هنا فهمنا أن الكفار يوم القيامة يخافون خوفا شديدا يجعل قلوبهم لدى حلقومهم وأنهم من شدة الهم والخوف ساكتون فلا يستطيعون الكلام، ليس للظالمين - وهم أو لهم - حميم يدافع عنهم من صديق أو قريب، وليس لهم شفيع يشفع لهم ويجادل عنهم، وكانوا يعبدون الأصنام على أنها شفعاء عند اللّه.

_
(١) - سورة القمر آية ١.
(٢) - سورة النجم الآيتان ٥٧، ٥٨.
(٣) - (إذ) بدل من (يوم الآزفة) و(لدى الحناجر) خبر، و(كاظمين) حال من القلوب، على معنى قلوبهم.
(٤) - سورة الواقعة الآيتان ٨٣، ٨٤.


الصفحة التالية
Icon