ج ٣، ص : ٣٢٠
وهذا تذكير بنعم اللّه على الناس، وبآياته الدالة على كمال القدرة وسط الوعيد الشديد ليعلم الخلق أنه وعيد ولكن من إله رحمن رحيم، قادر عليهم.
المعنى :
اللّه - عز وجل - الذي جعل لكم الأنعام، وخلقها لأجلكم ولمصلحتكم لتركبوا بعضها، ومنها تأكلون، ولكم فيها منافع غير الركوب والأكل كالألبان والأوبار والجلود وغير ذلك، ولتبلغوا عليها حاجة تشغل بالكم وهي نقل الأثقال والأحمال من بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وعليها وعلى الفلك، أى : السفينة تحملون، فقد حملنا ربنا في البر على الإبل وفي البحر على السفن، وقد علمنا اللّه كيف نسخر الطبيعة فحملنا الريح والحديد والماء وغيرها.
وهكذا يريكم اللّه آياته الكونية التي تدل على باهر عظمته، وعظيم قدرته جل شأنه.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
فأى آية من آياته الباهرة تنكرون ؟ وبأى آية من آياته تعجبون ؟ فكيف تنكرون البعث وتعدونه عظيما ؟ من يحيى العظام وهي رميم، عجبا لكم ؟ ! أنتم أشد خلقا في البدء والإعادة أم السماء بناها رفع سمكها فسواها ؟ ! تركيب هذه الآية قد حير جهابذة العلماء قديما حيث قالوا : كان الظاهر أن يؤتى باللام في الجميع أو تترك في الجميع فيقال (مثلا) لتركبوا : ولتأكلوا، ولتنتفعوا، ولتبلغوا.. الآية.
وقد أجاب بعضهم على هذا السؤال بأن المراد بالأنعام الإبل خاصة، وركوبها وبلوغ الحاجة بها من أتم الأغراض لأن جل منافعها الركوب والحمل عليها ولذا قال :
لتركبوا. وتبلغوا، وأما الأكل والانتفاع بالأوبار والشعر فغرض بسيط، واللّه أعلم بأسرار كتابه.


الصفحة التالية
Icon