ج ٣، ص : ٣٢٧
المفردات :
أَنْداداً : جمع ند وهو الشريك رَواسِيَ : هي الجبال الثابتة سَواءً :
استوت بلا زيادة ولا نقصان اسْتَوى إِلَى السَّماءِ : قصد، أى : تعلقت إرادته بها دُخانٌ الدخان : ما ارتفع من لهب النار، ويراد به ما يرى من بخار الأرض عند جدبها، وفي الحقيقة هو شيء اللّه أعلم به يشبه الدخان في رأى العين فَقَضاهُنَّ :
أكملهن وفرغ منهن بِمَصابِيحَ المراد : بنجوم كالمصابيح.
وهذا بيان لوحدانية اللّه التي أوحى بها لرسوله حيث ذكر هنا مظاهر قدرته التي تثبت له الوحدانية، وتنفى عنه الشركة مع تأنيب المشركين وتعنيفهم على كفرهم.
المعنى :
قل لهم يا محمد : أإنكم « ١ » لتكفرون باللّه الذي خلق الأرض في يومين، وتجعلون له أندادا وشركاء ؟ ! وهو منزه عن الشريك والند، والمراد بخلق الأرض هنا - كما هو الظاهر - تقدير وجودها، والحكم بأنها ستوجد لا خلقها وإيجادها بالفعل، ولا غرابة في هذا فاللّه يقول : إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ « ٢ » فخلقه من تراب، أى : أراد خلقه وقدره بالفعل وإلا لما كان لقوله تعالى : كن فيكون معنى أبدا.. والمراد باليوم الوقت مطلقا لا اليوم المعروف، لأنه لم يكن هذا النظام وجد بعد.
وكفرهم باللّه يتمثل في جدالهم في ذاته وأفعاله، وإنكارهم لوصفه بكل كمال وتنزهه عن كل نقص، وإنكارهم قدرته على البعث وإرسال الرسل، وغير ذلك من عقائد الكفار.
ذلك الموصوف بخلق الأرض في يومين - وما سيعطف على هذا في آخر الآية - هو اللّه جل جلاله، وتعالت أسماؤه رب العالمين رب كل ما في السموات والأرضين! فكيف تجعلون من هذه الكائنات المخلوقة التي تقر له بالربوبية بلسان الحال أو المقال
(١) الهمزة هنا للاستفهام الإنكارى، واللام التي في (لتكفرون) لتأكيد الإنكار، وتقديم الهمزة لصدارتها لا لإنكار التأكيد.
(٢) - سورة آل عمران آية ٥٩.