ج ٣، ص : ٣٤٧
المتصفون بالتعامي عن الحق الذي يشهدونه كأنهم « ١ »
ينادون من مكان بعيد فهم لا يسمعون إلا دعاء ونداء، ولا يفهمون شيئا.
ولا يهولنك أمرهم واختلافهم في القرآن فتلك عادة الأمم مع أنبيائهم، ولقد آتينا موسى التوراة، وفيها هدى ونور - أى : قبل تحريفها - فاختلف بنو إسرائيل فيها بين مصدق ومكذب ومؤمن وكافر، وهكذا حال قومك فلا تأس ولا تحزن على شيء.
ولو لا كلمة سبقت من ربك، وحكم فيها على أمتك بتأخير العقوبة إلى يوم القيامة بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ « ٢ »
لو لا هذا الحكم لقضى بين المؤمنين والكافرين باستئصال المكذبين المشركين كما فعل مع الأمم السابقة، وإن كفار قومك لفي شك من القرآن مريب يوجب القلق والاضطراب، وهذا حكم عام : من عمل صالحا فلنفسه بغى الخير، ومن أساء فإساءته على نفسه وحده، وما ربك بذي ظلم للعباد فهو يجازى المحسن على إحسانه لا ينقص منه شيء، ويجازى المسيء على إساءته بلا زيادة ولا نقصان إذ هو أحكم الحاكمين.
(١) وهذا تمثيل لحالهم من عدم فهمهم وانتفاعهم بما دعوا إليه بمن نودي من مسافة نائية بعيدة فهو يسمع الصوت ولا يفهم.
(٢) سورة القمر آية ٤٦.