ج ٣، ص : ٣٨١
عليه أن يأتى بهذا القرآن الكامل في كل نواحيه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه رغم كثرة أعدائه وحساده قديما وحديثا، فحقا إنه تنزيل من رب العالمين.
كيف ينشأ من تلك البيئة رجل يقول مثل هذا الكلام، ويتحدى به العرب بل كل الناس فيعجز الكل عن الإتيان بمثله ؟ ! فحقا إن النبي ما كان يدرى ما الكتاب ؟ حتى يتصور أن يكون ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه من وضعه.
وما كان يدرى ما الإيمان ؟ والإيمان بأصوله وفروعه وتشريعاته وقوانينه، هل من المعقول أن يحيط بها فرد نشأ في بيئة أمية كبيئة العرب الجاهلين ؟
ولكن أرسل اللّه رسوله بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا فأعرض أكثر الناس عنه، أرسله اللّه وأنزل معه القرآن نورا للناس يهتدى به من استرشد بعقله، ونظر نظرا بريئا خاليا من التعصب الأعمى، وإنك يا محمد لتهدى بدينك إلى صراط مستقيم إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ « ١ »
يهدى إلى صراط مستقيم صراط اللّه الذي له كل ما في السموات والأرض ملكا وخلقا وعبيدا وتصريفا، وهو العالم به، ألا إلى اللّه وحده تصير الأمور.
هذا هو القرآن روحا من عند اللّه، ونورا يهدى به الناس في ظلمات الحياة، وهذا هو الرسول يدعو إلى الخير وينادى بنصرة الحق ويهدى إلى صراط مستقيم صراط الذين أنعم اللّه عليهم. ولم يكونوا من المغضوب عليهم ولا الضالين.. اللهم اجعلنا من هؤلاء.

_
(١) - سورة الإسراء آية ٩.


الصفحة التالية
Icon