ج ٣، ص : ٤٢٧
المعنى :
اللّه - سبحانه وتعالى - صاحب الفضل على الخلائق. ورب النعم على العباد، وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها، فهو الذي سخر لكم البحر وذلله بأن جعل فيه الاستعداد لأن تجرى الفلك فيه بأمره، فهو الذي خلق فيه قوة الضغط وجعله سائلا تجرى على صفحته السفن، وأرسل الرياح تدفعها إلى حيث يريد الإنسان، كل هذا لتبتغوا من فضل اللّه بالتجارة والانتقال من مكان إلى آخر، ولعلكم مع هذا تشكرون ربكم الذي أنعم عليكم ولا تكفرون.
وهو الذي سخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، وها هو ذا الإنسان بما أودع فيه من قوة العقل والتفكير استخدم الطبيعة في أغراضه وسخرها لمنافعه وأصبح يشارك السمك في الماء والطير في الهواء والأصداف في قاع البحار، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون، وينظرون.
قل يا محمد للذين آمنوا بربهم، واهتدوا بنوره السماوي، قل لهم : يغفروا للذين لا يرجون لقاء اللّه يوم القيامة، فمن عفا وأصلح فأجره على اللّه، يغفر لهم سيئاتهم ليجزيهم اللّه على ذلك أحسن الجزاء، وليجزي قوما أساءوا غيرهم بلا ذنب ولا جريرة إلا أنهم يقولون ربنا اللّه ليجزيهم بما كانوا يكسبون، وعلى هذا فالذين أساءوا هم الكفار، وسيجزيهم ربك يوم القيامة، فالكل خاضع لقانون عام هو : من عمل صالحا فلنفسه بغى الخير وسيجازى على معروفه، ومن أساء وارتكب الآثام فعلى نفسه وحدها وقع الجزاء، ثم بعد ذلك إلى ربكم ترجعون فتجزون الجزاء الأوفى، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.