ج ٣، ص : ٤٤٣
ورعاة الشاء من أمثال صهيب وبلال، وبعض قبائل جهينة ومزينة وغفار. وما علموا أن اللّه يهدى من يشاء ويضل من يشاء ممن يستحق ذلك، وإذا لم يهتدوا بعد هذا بالقرآن ظهر عنادهم، فليس لهم حجة في عدم الاهتداء، فسيقولون : هذا إفك قديم.
وكيف ذلك ؟ ومن قبله كتاب موسى وهو التوراة حالة كونه إماما يقتدى به في دعوة الناس إلى التوحيد والحكم بكتاب اللّه والحث على الفضائل، وحالة كونه أنزل رحمة للناس، وهذا القرآن مصدق لما بين يديه من الكتاب ومهيمن عليه، وهو يهدى للتي هي أقوم حالة كونه لسانا عربيا مبينا نزل بلسان قريش ليفهموه ويتدبروه وإنما يتذكر أولو الألباب.
أنزله ربك لينذر به الذين ظلموا أنفسهم وغيرهم بالشرك، وهو هدى وبشرى للمحسنين فكيف يقولون بعد هذا : إن هذا القرآن إفك قديم ؟ إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا على الطريقة المثلى وساروا عليها مخلصين مؤمنين فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أولئك هم أصحاب الجنة خالدين فيها وذلك الجزاء بما كانوا يعملون، واللّه ذو الفضل العظيم..
الإنسان بين خالقه ووالديه [سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ١٥ الى ٢٠]
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (١٦) وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧) أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (١٨) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٩)
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠)