ج ٣، ص : ٤٤٦
رب اهدني إلى شكرك حيث أنعمت على وعلى والدي نعما لا تحصى، واهدني إلى صالح الأعمال، واجعل الصلاح والتقوى ساريا في ذريتي راسخا في أبنائى لأنى تبت إليك وأنبت، وإنى من المسلمين القانتين فاغفر لي ووفقني يا أكرم الأكرمين.
أولئك - والإشارة للتعظيم - الذين نتقبل عنهم أحسن أعمالهم، وكلها بسبب كمال الإخلاص من أحسن الأعمال، ونتجاوز عما فرط من سيئاتهم، وعدهم ربك بذلك وعدا هو الصدق بعينه، الذي كانوا يوعدون به على ألسنة الرسل، أما الصنف الثاني الذي لم يرع في اللّه حقا، ولم يرع لوالديه حرمة، ورد الجميل بالقبيح، وجازى الحسنة بالسيئة فهذا والداه وهما كما عرفت تعبا وسهرا لراحته وصنعاه حتى اكتمل، وأشارا عليه بما فيه خيره وسعادته ومع هذا ما زاده ذلك كله إلا استكبارا وعنادا وكفرا وجحودا.. انظر إليه وهو يقول : والذي قال لوالديه حينما أشارا عليه بالإسلام والإيمان باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر قال لهما : أف لكما أتعداننى بالبعث وأنى سأخرج من القبر للحساب، والحال أنه قد خلت القرون من قبلي ومضت آلاف السنين ولم نر أحدا بعث، يريد بهذا إنكار البعث.
وهما يستغيثان باللّه من أفعاله، ويلجئان إلى اللّه أن يرشده ويهديه، ويقولون له :
ويلك وهلاكك آمن مع المؤمنين، وليس مرادهم الدعاء بالويل والثبور، بل هما يحثانه على الإيمان والدخول فيه بسرعة، لأن وعد اللّه حق، وقد وعد المؤمنين بالثواب، والكافرين بالعقاب.
فيقول بعد هذا : ما هذا الذي تقولانه إلا أساطير الأولين وأباطيلهم! انظر يا رعاك اللّه : الوالدان يحبان أولادهما حبا غريزيا، وهما ينصحانهم بما هو خير لهم، وقد نصحوا بالإيمان الكامل، ولكن إذا كان الابن غير موفق لم يرع لهما حرمة، ولم يقدس لهما رأيا، ولهذا لا تأس يا محمد على كفر من كفر من قومك.
أولئك - والإشارة للتحقير - الذين حقت عليهم كلمة ربك بالعذاب وهي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ حالة كونهم في عداد أمم قد مضت من قبلهم من الجن والإنس، لأنهم كانوا خاسرين.
ولكل من الفريقين : فريق المؤمنين، وفريق الكافرين، درجات معلومة بسبب أعمالهم التي عملوها، فريق في الجنة له درجات عليا، وفريق في السعير له دركات