ج ٣، ص : ٤٦٢
الجنة التي عرفها لهم، ووصف لهم نوع نعيمها الدائم المقيم، ثم إنه تعالى لما بين ثواب القتال، وجزاء الاستشهاد، وعدهم بالنصر في الدنيا زيادة في الحث على القتال فقال :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ « ١ » على أعدائكم مهما كانوا فاللّه يدافع عن الذين آمنوا واللّه يثبت أقدامكم في الحرب، ويقوى روحكم المعنوية تقوية بها تخوضون غمار الحرب فائزين منتصرين، وقد حصل ذلك مع النبي وصحبه، والذين كفروا فتعسوا تعسا وهلكوا هلاكا وأضل اللّه أعمالهم، وأبطل كيدهم، ورده في نحورهم، ذلك كله بسبب أنهم كرهوا ما أنزل اللّه من القرآن والتوحيد والدعوة إلى مكارم الأخلاق، فكان جزاؤهم أن أحبط اللّه أعمالهم، ووجه كراهتهم للدين الجديد أنه جاء بتكاليف وهم قوم ألفوا الإهمال وإطلاق العنان للنفس والهوى، فلما جاء القرآن بالتكليف وترك الملذات كرهوه.
المؤمنون والكافرون في الدنيا والآخرة [سورة محمد (٤٧) : الآيات ١٠ الى ١٤]
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤)
(١) - سورة محمد آية ٧.