ج ٣، ص : ٤٦٤
غفلوا عن الآخرة، وغرتهم الدنيا بمفاخرها الكاذبة، فتمتعوا بشهواتهم، وكانت عاقبة أمرهم خسرا، وكانت النار مثوى لهم.
وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك الذين أخرجوك أهلكناهم « ١ » بعذاب بئيس، ولم يستطيعوا الخلاص منه بأنفسهم، ولم يكن لهم ناصر ينصرهم من أوليائهم وأصنامهم « فلا ناصر لهم » وعلى ذلك فاصبر كما صبرت الرسل من قبلك : وهذا تقرير لتباين حال الفريقين المؤمنين والكافرين، وبيان لسبب الحكم على كل منهما أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ « ٢ » والمعنى : أيستوى الفريقان ؟ فمن كان ثابتا على حجة ظاهرة، وبرهان واضح من ربه الذي تولى تربيته، وهذا البرهان وتلك الحجة هي القرآن الكريم، وسائر المعجزات والحجج العقلية الأخرى كمن يزين له الشيطان عمله السيئ من الشرك وسائر المعاصي، واتبع هواه الداعي إلى الشر من غير أن يكون له شبهة أو حجة ؟ ! أيعقل أن يستوي هذا وذاك ؟ !.
مثل النعيم والعذاب الأليم يوم القيامة [سورة محمد (٤٧) : آية ١٥]
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥)

_
(١) - كأين بمعنى كم الخبرية وهي مبتدأ ومن قرية تمييز لها وقوله أهلكناهم خبر.
(٢) - الاستفهام في قوله : أفمن استفهام إنكارى، والفاء عاطفة على محذوف تقديره أيستوى الفريقان فمن كان.


الصفحة التالية
Icon