ج ٣، ص : ٤٧١
طاعة وقول معروف خير لهم وأولى بهم « ١ » وقيل المعنى : أولى بهم من النظر إليك نظر المغشى عليه من الموت طاعة وقول معروف « ٢ ».
فإذا عزم الأمر وجد الجد، فلو صدقوا اللّه في نيتهم وأخلصوا العمل لكان « ٣ » خيرا لهم وأفضل من نفاقهم وكذبهم، فإن وبال ذلك عليهم وحدهم.
فهل يتوقع منكم إن توليتم عن الحق، وأعرضتم عن القرآن أن تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، وتقطعوا الأرحام ؟ وهذا التوقع والاستفهام إنما يكون مع غير اللّه من كل إنسان يقف على أمور المنافقين، ويعرف إسرارهم على حقيقته، والتوقع من اللّه إنما هو إخبار عن شيء حاصل قطعا وعلى ذلك فمعنى الآية : هؤلاء المنافقون ضعاف في الدين شديد والحرص على الدنيا بشكل ظاهر، فهم جديرون بأن يتوقع منهم الإفساد لا الإصلاح وتقطيع الأرحام لا صلتها، كل إنسان عرف حالهم ويقول لهم : فهل عسيتم... ؟ والمراد بإفسادهم وتقطيع الأرحام أنهم يعودون إلى الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء التي كانوا فيها، يعودون إليها بعد أن رأوا نور الهدى على يد خير الخلق، وبين سطور القرآن الكريم، فهل يفهم المسلمون الآن أنهم تولوا عن القرآن وأعرضوا عن الدين فأفسدوا في الأرض الفساد، وقطعوا وشائج الأرحام فصب عليهم ربك سوط عذاب حتى وصلوا إلى ما وصلوا، ولا حول ولا قوة إلا باللّه!!! أولئك الذين لعنهم اللّه وأبعدهم عن رحمته، فأصمهم عن الحق فلم يسمعوه وأعمى أبصارهم عن النور فلم يروه.
أفلا يتدبرون القرآن، وما فيه من مواعظ وزواجر ؟ حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات ؟ ! بل أعلى قلوب أقفالها ؟ حتى لا يمكن التدبر والاتعاظ بها، وهم كذلك.
(١) - وعلى ذلك فطاعة مبتدأ وخبره محذوف تقديره خير لهم.
(٢) - وعلى ذلك فأولى مبتدأ ولهم متعلق به على أن اللام بمعنى الباء وطاعة خبر.
(٣) - جواب الشرط (إذا) قوله : فلو صدقوا اللّه، ولا يضر اقترانه بالفاء، وجواب (لو) قوله : لكان.