ج ٣، ص : ٤٧٥
أنكم الأعلون، فجهادكم في سبيل اللّه ستثابون عليه ثوابا جزيلا، وحربهم في سبيل الشيطان سيلقون به عذابا شديدا، وأنتم الأعلون فمقصدكم إعلاء كلمة اللّه وإحباط كيد الشيطان، واللّه معكم بالنصر والتأييد، والمعونة والمثوبة، ومن كان معه اللّه فلا يضره شيء بعد هذا، وكفاكم شرفا وفخرا وتأييدا أن اللّه معكم، ولن ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا، ولا تنسوا أن قتلاكم شهداء في الجنة، وقتلاهم في سعير جهنم.
واعلموا أن الدنيا لعب ولهو، وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد، وهذا كله باطل إلا ما كان منها في عبادة اللّه - عز وجل - وطاعته، وإذا كان الأمر كذلك فيجب ألا تشغلكم الدنيا عن الآخرة والفوز بلذائذها الفاخرة، فالآخرة خير وبقي وإن تؤمنوا وتتقوا أيها الناس يؤتكم أجوركم، ولا يسألكم أموالكم كلها : إنما يسألكم قليلا من المال هو في الواقع تحصين لكم ولمالكم، وإنما أنتم في الواقع خلفاء للّه في ماله، فأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، إن يسألكموها فيحفكم ويبالغ في طلبها كلها تبخلوا ولا تقرضوه قرضا حسنا تثابون عليه، ويخرج هذا أضغانكم وحبكم للمال، إذ كراهيتكم للإنفاق كراهية طبيعة.
ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل اللّه، فمنكم من يبخل، ومن يبخل فإنما بخله وعاقبته على نفسه وحده، واللّه الغنى عن إنفاقكم، وإنما سبحانه قد ربط أسباب النجاح والفلاح بالإنفاق والجهاد في سبيل اللّه واللّه الغنى وأنتم الفقراء إليه.
وإن تتولوا وتعرضوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم، بل يكونوا طائعين مؤمنين عاملين.


الصفحة التالية
Icon