ج ٣، ص : ٤٩٧
وما هي علامتهم ؟ أهو الأثر الذي يظهر من أثر السجود في جبهة المصلى ؟ ؟ ربما يكون صاحبها أقسى قلبا من فرعون، والظاهر - واللّه أعلم - أنها نور في الوجه، وهدوء في النفس، ولين في الجانب، وخشوع وخضوع، فإن من أصلح سريرته أصلح اللّه - تعالى - علانيته، وعلامة الإيمان الصحيح أن تكون قرآنا يتحرك، وصورة صحيحة للإسلام وعنوانا كاملا لتهذيبه فلا تفسق ولا ترفث، ولا تكذب ولا تغش، ولا تخادع ولا تضلل، ولا تقسو ولا تفجر، فشر الناس من خافه الناس اتقاء شره، تلك بعض علامات الإيمان تبدو في وجه المسلم الكامل.
ذلك مثل المؤمنين في التوراة ومثلهم في الإنجيل، وهذا تكريم لهم من اللّه كبير ولقد ضرب اللّه لهم مع النبي مثلا من أروع الأمثلة، فقد بدأ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الدعوة وحده ثم آمن به قليل من الناس، هذا القليل كثر وزاد حتى أصبح الكل قوة لا يستهان بها كما تقوى الطاقة الأولى من الزرع بالفروع التي تنبت حول الأصل حتى تعجب الزراع، فعل اللّه معهم ذلك ليغيظ بهم الكفار، وقد غاظ بهم الكفار فعلا، وانهدم عزهم ودالت دولة الروم وفارس، وعلت راية الإسلام حتى امتلأ قلب الكفر وأهله غيظا منه، وحقدا عليهم إلى اليوم، فهذه آثار التبشير وحملات أعداء الإسلام تترى، والمدهش أنهم يجدون في شباب الإسلام المثقف ثقافة غير دينية مرعى خصبا ويستغلون قلة ثقافتهم الدينية فينفثون سمومهم، أيها المسلمون : وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات منكم مغفرة كبيرة، وأجرا عظيما، واللّه صادق الوعد، وهو لكل من يعمل صالحا في كل زمان ومكان. نسأل اللّه التوفيق والخير للإسلام والمسلمين.