ج ٣، ص : ٥٣٩
فكذبوا وكفروا، فأرسل عليهم ريحا صرصرا عاتية، سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما، فترى القوم فيها صرعى، كأنهم أعجاز نخل خاوية، أرسل عليهم الريح العقيم التي لا تنبت كلأ، ولا تنزل غيثا. ولا تلقح شجرا « ١ » فهي لا تدع شيئا تمر عليه وقدر اللّه إهلاكه إلا جعلته كالشىء البالي الذي لا خير فيه.
وفي قصة ثمود آية كذلك إذ أرسل إليهم ربك أخاهم صالحا فكفروا ولم يؤمنوا فقيل لهم : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، ذلك وعد غير مكذوب، فعتوا عن أمر ربهم واستكبروا عن امتثاله، فأخذتهم الصاعقة، وأهلكتهم نار من السماء أتت على الأخضر واليابس، وهم ينظرون إلى أنفسهم، وقيل : وهم ينتظرون العذاب، ما أصبرهم على ذلك ؟ وما كانوا منتصرين بغيرهم إذ لا ناصر لهم، وأهلكنا قوم نوح من قبل لما استحقوا ذلك، إنهم كانوا قوما فاسقين.
وهكذا حكم اللّه مع الأمم قديما وحديثا، وتلك سنة اللّه، ولن تجد لسنة اللّه تبديلا فهل من معتبر ؟ !.
أليس إهلاك الكافرين مع كثرتهم وشدة قوتهم، ونصرة المؤمنين على ضعفهم وقلة عددهم آية على قدرة اللّه ؟ ! وأى آية أقوى من هذه ؟ !
من آيات اللّه الكونية [سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٤٧ الى ٦٠]
وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)
كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥) وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (٥٦)
ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)

_
(١) في هذا إشارة إلى أنه شبه عدم تضمن النفع والإهلاك بالعقم، واشتق منه عقيم بمعنى فاعل أو مفعول فهي استعارة تصريحية تبعية.


الصفحة التالية
Icon