ج ٣، ص : ٥٥٢
بل ألهم إله غير اللّه يعينهم ويحرسهم ويملى عليهم تلك الأباطيل ؟ ! سبحان اللّه وتعالى عما يشركون!! هؤلاء الناس قد ناقشهم القرآن نقاشا معقولا، وأقام عليهم الحجة، وألزمهم البرهان ومع هذا فهم لا يؤمنون، وإن يروا قطعة عظيمة من السماء ساقطة ليعذبهم يقولوا من فرط عنادهم وطغيانهم : هذا سحاب تراكم بعضه على بعض، جاء يمطرنا بالخير والبركات ولم يصدقوا أنه سحاب ساقط عليهم من السماء لعذابهم. وهكذا الإنسان المغرور.
وإذا كان الأمر كذلك، وقد لزمتهم الحجة وظهروا بمظهر المعاند المجادل بالباطل فذرهم غير مكترث بهم، ولا يهمنك أمرهم حتى يلاقوا يومهم المشهود، اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، يوم الصواعق والشدائد، اليوم الذي لا يغنى عنهم كيدهم ولا مكرهم شيئا من الإغناء.
وإن للذين ظلموا أنفسهم وغيرهم هؤلاء عذابا دون ذلك يأخذونه في الدنيا، وليس لهم ما يخفف عنهم أو يسليهم أو يريح ضمائرهم أو يقوى عزائمهم كالمؤمنين المصابين في الدنيا، إذا لنا العزاء والتسلية والصبر وحسن الأجر، ورضا الرب الجليل كل ذلك يخفف عنا ما يصيبنا، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.
ما مضى كان في شأن الكفار المعاندين الذين وقفوا من النبي موقف العناد والطغيان لم يسمعوا لحجة، ولم يلتفتوا لبرهان، بل ظلوا سادرين في غلوائهم مغرورين بقوتهم وبدنياهم أما أنت أيها الرسول الكريم فاسمع لنصيحة ربك وأنت خير من يعمل بها واصبر لحكم ربك، فكل ما يحكم به ويقدر فهو خير ورحمة، وإن كان فيه ألم وتعب فإنك أيها الرسول في كلاءة ربك وحفظه وعنايته، واللّه عاصمك من الناس ومؤيدك ومبلغك ما تصبو إليه نفسك الشريفة، وما عليك إلا الرضا بالقضاء وأن تسبح ربك حين تقوم لأى عمل من الأعمال، فسبحه في جوف الليل حيث يسكن الناس وينامون ويبقى الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وسبحه في إدبار النجوم، أى : قبيل الفجر عند مغيبها حيث تصحو النفس نشيطة صافية من الأكدار.
اللهم وفق كل من يعمل لنشر دينك واستقرار دعوتك إلى العمل الصالح باتباع نصائح القرآن، وتتبع سيرة إمام الأنبياء وخاتم المرسلين.